أحمد يوسف التاي: هذا هو “البل” المطلوب
نبض للوطن
«1»
بإلقاء نظرة فاحصة تأخذ في الاعتبار الظروف السياسية، والإقتصادية، والأمنية، والإجتماعية، والصحية التي تمر بها البلاد حالياً، يمكن القول أن هذه الظروف مجتمعة هي التي تتحكم اليوم في شكل السودان الجديد، وهي التي تحدد شكل الحكم القادم، ومن يحكم، ومن يتحكم…
«2»
من يطوِّع هذه الظروف ويتحكم فيها ويستغلها لصالح أجندته سواءً أكانت أجندة وطنية أو شريرة، هو الذي يتحكم في مصير السودان، وهو الذي سيضع يده على شفرة التحكُم تماماً، فإما أن يدفع الشعب السوداني جميعه نحو الإنزلاق وهاويةٍ مالها من قرار، أو يأخذ بأيديه و ينتشله من الوحل والضياع…والسؤال الأهم هنا من هي الجهات الأكثر تأهيلاً للعب دور المخلص، وكيف لها أن تقوم بهذا الدور؟…
«3»
قبل الخوض في تحديد تلك الجهات التي تنعقد عليها الآمال لتعبر بنا إلى بر الأمان، يلزمنا أن نشير إلى تلك الظروف التي سبقت الإشارة إليها على الأصعدة السياسية والاقتصادية، والامنية والصحية والاجتماعية، ومدى خطورتها وتأثيرها على الوضع العام…
«4»
سياسياً تشهد الساحة هشاشة بلغت الذروة ووصلت منتهاها، وحالة من التشظي والانقسام لم تشهد الساحة مثلها قط، حتى قوى الحراك الثوري التي تُمثل التحالف الحاكم تعاني من هذه الحالة وبشكل خطير جداً ودونكم المماحكات والخالافات الراهنة في جسم قوى الحراك الثوري..
«5»
اقتصادياً،يمثل الوضع الاقتصادي اليوم حالة انهيار تام تكشف عنه معدلات التضخم العالية جداً، والغلاء الفاحش والضائقة المعيشية الضاغطة، وانهيار سعر العملة الوطنية..
«6»
أمنياً، تشهد الأوضاع الأمنية اليوم حالة من السيولة لم تشهدها البلاد من قبل، إذ يوشك المجتمع بسببها إن يعود إلى عصور الحروب والنزاعات القبلية حيث لادولة مركزية ولا سيادة لدولة على الأرض بل قبائل متناحرة ومتنازعة على الموارد، تغذيها الثأرات والاحقاد والأطماع والتخلف..
«7»
صحياً، الظروف الصحية وهي عالمية وعامة بالطبع والسودان ليس استثناءً منها، ولكن الأوضاع، الامنية، والسياسية، والاقتصادية التي سبقت الإشارة إليها تجعلها استثنائية تختلف عن تلك التي مر بها العالم، وهي أوضاع فاقمت من مشاكل النظام الصحي المنهار أصلاً، وبالطبع تتأثر الأوضاع الاجتماعية بمجمل الظروف السياسية والامنية والاقتصادية والصحية التي سبق ذكرها..
«8»
الظروف المحيطة ببلادنا والتي أوردناها تفصيلاً أعلاه تمثل أخطر التحديات وأبرز العقبات، ولايمكن لأي جهة سياسية بمفردها أن تجتاز عقباتها تلك ، إذ لابد من تضافر جهود وطنية مخلصة ومتجردة، ولابد من تقديم قادة وطنيين وأهل كفاءة وحنكة وسياسة وحكمة لقيادة سفينة الوطن والعبور بها إلى بر الأمان بعيداً عن الأوحال والمزالق..
«9»
في رأيي أن المخرج الوحيد هو تكوين جبهة وطنية عريضة ، أو تطوير تحالف أحزاب الثورة وهيكلته وتصحيح مساره، وحسم جميع خلافاته والوصول للحد الأدنى من التوافق والاتفاق مع كافة قوى الحراك الثوري وتخفيض حدة التوتر مع القوى المعارضة، وبهذا نضمن أرضية سياسية متينة، وحاضنة فاعلة ومعافاة وموحدة لحكومة الثورة التي سيتم إعادة تشكيلها وفقاً لمعايير الكفاءة وابعاد العناصر الرخوة والفاشلة، وإن تطلب الأمر إبعاد رئيس الوزراء نفسه فليكن..
«10»
ثم تأتي الخطوة التالية وهي إسناد مهمة حسم التفلتات الأمنية والنزاعات القبلية إلى الجيش على أن يكون مسنوداً بقانون يمنحه حق التدخل والحسم الأمني وفرض هيبة الدولة بالقوة وبلا أدنى تردد وتراخي.
ثم تبقى الخطوة الأخيرة وهي إعلاء ثقافة إحترام القانون، وتقديسه والتحاكم به ، وسن القوانين الحاسمة، ومواجهة كل مظاهر الفوضى في الاسواق، والاسعار والمضاربات والاحتكار والغلاء، والتهريب بالحسم القانوني حتى وإن وصل الأمر الإعدامات في الميادين العامة، وتقديم كل من ارتكب جرماً إلى العدالة دون اي مواربة أو دغمسة سواءً من النظام المخلوع، أو صلب الثورة…اللهم هذا قسمي فيما أملك…
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.