كان الدكتور جون قرنق مثل معلم الإملاء يقف وراء مكتبه بالقصر الجمهوري.. فيما الأستاذ غازي سليمان يتلو قائمة من الأسماء تحوي عدداً من خبراء القانون يريد النائب الأول استشاراتهم في أمر ذا صلة.. حينما انتهى غازي من قائمته صرخ الضيف الجديد، ولكن أين الأستاذ علي عثمان، أليس هو قانوني.. هنا حاول ابن أخت التجاني الماحي أن يكون لمّاحاً ورد: “تعني نائب الرئيس يا دكتور”.. كان وقتها قرنق يحاول أن يبسط سلطاته وسلطانه على القصر الأبيض الذي يطل على النيل الأزرق.. أدرك غازي الأمر جيداً حينما تذكر أن الأستاذ محمد إبراهيم نقد كان في صالة الانتظار ليحظى بمقابلة النائب الأول الجديد.. هذا مقام السلطة، لهذا جرى المثل الدارفوري “سلطة للساق ولا مال للخناق”.
حينما سمعت أن الرئيس استدعى مجلس الوزراء المصغر لاجتماع طارئ بشأن انخفاض العملة الوطنية، توقعت أن يكون موسى كرامة وزير الصناعة على رأس الحضور.. ليس بصفته كممثل لحزب المؤتمر الشعبي فحسب، بل لأن أي سياسة اقتصادية لا يضع فيها وزير الصناعة لمساته، تبدو ناقصة.. واحدة من مشكلات الاقتصاد السوداني، حسب وزير المالية الأسبق أن أي منتج صناعي مستورد من الخارج تكلفته أقل من مماثله السوداني والسبب في ذلك ارتفاع تكلفة الإنتاج.. إذاً لماذا غاب وزير الصناعة، وكذلك مبارك الفاضل رئيس القطاع الاقتصادي بمجلس الوزراء؟.. ربما يشعر الوطني أن الوزراء الجدد هم مجرد صحبة راكب في قطار السلطة وسيقرأون السياسة الجديدة كغيرهم في صحف الصباح، ثم يدافعون عنها في البرلمان حينما يتم استدعاؤهم.
ربما أجد العذر لمبارك الفاضل الذي أعلن عن حزبه الجديد القديم بعد أن استلم حصته في حكومة الوفاق الوطني.. لكن ماذا عن المؤتمر الشعبي الذي كتب زعيمه الراحل سيناريو الحوار ومات في مكتبه وهو يعكف على مراجعة وثيقة الحريات؟ .. أحداث عديدة مرت، والحزب الشعبي يلتزم الصمت المريب.. هل قيود السلطة كبلته من الحركة أم أن ذهب المعز جعل أعين الشعبيين تتبعد عن هموم الشعب.. لو لا ندوة الشعبي حول قانون الصحافة والتي جاءت متأخرة لظننت أن الدكتور علي الحاج حزم الشعبي ضمن أمتعته الشخصية وسافر إلى ألمانيا.
انشغلت الساحة السياسية ببروز حملة منظمة تساند ترشيح الرئيس البشير لدورة رئاسية ثالثة.. الحملة عمت حتى وصلت فرقان الجزيرة.. ألمح الوطني رسمياً عن نيته تقديم البشير مرة أخرى.. كل ذلك والشعبي في صمت رسمي.. لم نقرأ إلا تصريح من الإستاذ كمال عمر عضو البرلمان.. كنت أحسب أن الشعبي سيكون حريصاً على الحفاظ على روح الدستور الساري.. لكن لم نسمع شيئاً حتى في حل المجلس التشريعي بالجزيرة وتسريح بعض ممثلي الشعبي.. هنا يصحب التحليل أن الشعبي وقع اتفاقاً تحت الطاولة، وهنا يصبح الصمت غير الأخلاقي مبرراً.. أو أن الشعبي عاجز عن خوض معركة حماية الدستور.. وهنا جدير بِنَا أن نرفع الفاتحة على حزب قاتل بشراسة من مقاعد المعارضة.
في تقديري أن هنالك شواهد كثيرة تثبت أن الشعبي أصبح عاجزاً عن الحركة وسط الشعب.. قبل أشهر دعى الشعبي لإقامة صلاة الغائب على المرحوم مهدي عاكف مرشد الإخوان المسلمين الأسبق في مصر.. حددت الدعوة الساحة الخضراء للاحتشاد.. لكن قبل الموعد كان الحزب الكبير يعتذر بأن السلطات رفضت التصديق له بالصلاة في الساحة الخضراء.. من الغريب أن أنصار الحكومة في الحركة الإسلامية قاموا قبل ذلك بتأبين الزعيم عاكف من مسجد جامعة الخرطوم… لهذا على الشعبي أن يجرد المسيرة منذ أن جلس في كراسي الحكومة.. سيكون الكسب محصوراً في عربات الدفع الرباعي والمكاتب المحروسة بطواقم الجميلات.. لا شيء يذكر.
بصراحة.. استفاد الشيخ حسن الترابي من مصالحة المشير جعفر نميري في العام ١٩٧٧.. تمكن الشيخ من مضاعفة عضوية تنظيمه عشر مرات في سنوات قليلة، وكان ذلك ضعف المخطط له.. إذا أعاد الشعبي جرد العضوية فسيجد انكماشاً كبيراً وربما تسرباً إلى الضفة الأخرى لأن الألوان تشابهت، وبات من الصعب التفريق بين ابراهيم وإبراهيم.
عاجل
- رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن فوز ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية
- الجيش يبسط سيطرته على الدندر
- استشهاد قائد منطقة البطانة العميد أحمد شاع الدين
- البرهان يتفقد المواطنيين بمدينة أمدرمان
- طيران الجيش يقصف مواقع تجمعات قوات الدعم السريع شرق الفاشر
- السودان.. إسقاط مسيرات في مدينة كوستي
- السودان.. حرق برج الاتصالات في الخرطوم
- حميدتي يقيل مستشاره يوسف عزّت
- الجيش يصدّ هجومًا للدعم السريع على مدينة سنار
- السودان..إسقاط مسيرات في كوستي
التعليقات مغلقة.