باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

د.كرار التهامي يكتب: الهلال أسد أفريقيا الجريح .. الدروس والعبر ١-٣

701
(1)
هل تفسد الرياضة ما أصلح الدهر؟
كتب الأخ الصديق دكتور محمد حسين كسلا مقالاً حزيناً مفعماً بالأسى والحسرة على إحداثيات المقابلة الأخيرة أمس الأول بين الهلال والأهلي في استاد القاهرة والتي انتهت بمذبحة أخلاقية مارست فيها جماهير الأهلي المصري كل أنواع العنف اللفظي البدني والمعنوي إلى حد الإساءة والتنابذ العنصري.
🔲 تحسر كسلا على الأجيال السابقة في مصر والسودان التي كانت تضع اعتباراً للعلاقات الفطرية والمتينة بين طرفي الوادي وتستعصم بالقيم المشتركة وتقاطعات الجغرافيا والتاريخ والثقافة والحضارة واقترابات الحاضر والمستقبل وعزا السقطات الحادثة والتفلت إلى سفاهة وفهاهة وسطحية الجيل المعاصر، خاصة جيل الهتافات البذيئة، الذي تحركه الوسائط الإعلامية والمحتوى المسموم الذي تستخدمه في نشر الغسيل وتوقير الصدور والفتنة بين الناس لذلك وحسب رأي الدكتور كسلا لم يعد هذا الجيل يحفَل بأمر تلك العلاقات مثل الأجيال السابقة رغم ديناميكية العلاقة السودانية المصرية على صعيد الجيوبوليتيك والتاريخ منذ قيام الحضارة النوبية الأولى وانتشارها على ضفاف النيل وانحدارها نحو الشمال حتى المصب، مروراً بهجرة المصريين الى السودان في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي انتهاءً بهجرة السودانيين إلى مصر في الوقت الراهن والاحترام المتبادل في الهجرتين بين الشعبين والمصالح الكبرى المشتركة وقضايا الإقليم والتوأمة الحتمية بين البلدين.
🔲 ولأن الرياضة واحدة من مقاربات السياسة سلباً أو إيجاباً فقد تؤدي الى إفساد العلاقات أو إصلاحها والكل يذكر حرب المائة يوم أو ما سموها (بحرب الكورة) التي ماتً فيها آلاف المواطنين بسبب مباراة كرة قدم بين السلفادور وجارتها هندوراس في تصفيات كأس العالم حيث فجرت تلك المباراة شحنات الحزازات والمشاعر المكتومة بين البلدين وتحولت المباراة إلى حرب ضروس بين الجيوش.
🔲 وفي الجانب الآخر تصلح الرياضة ما تفسد السياسة إذا أديرت إدارة حسنة فبسبب مباراة البنغ ونغ (كرة الطاولة) بين أمريكا والصين في عهد الرئيس نيكسون في السبعينات فُتحت أبواب التجارة والسفر بين الصين وأمريكا بعد قطيعة نصف قرن وظهر في القاموس السياسي مصطلح (دبلوماسية كرة الطاولة)ping pong diplomacy.
🔲 أمس الأول كادت الرياضة أن تفسد ما أصلح الدهر بيننا وإخوتنا في الشمال حيث بلغت الإهانة في تلك الليلة السوداء في استاد القاهرة مبلغاً جعل الدم يغلي في عروق كل السودانيين بغض النظر عن انتماءاتهم الرياضة فالهزيمة في كرة القدم أمر مألوف وتنتهي بالمصافحة بين الطرفين الغالب والمغلوب فالهلال السعودي بطل آسيا وثاني أبطال العالم تلقي قبل عام هزيمة قاسية من نفس الأهلي بأربعة أهداف والأهلي قبل أيام تلقي هزيمة مريرة بخمسة أهداف من صن داون الذي نجا من شراك الهلال أسد أفريقيا الجريح بأعجوبة بعد أن أذاق الأهلي هزيمة كان بالإمكان أن تتضاعف أهدافها.
🔲 هذا دأب كرة القدم يعود كل واحد إلى بلاده موفور الكرامة دون أن تشنفه ألسنة العوام والسوقة من مشجعي الكرة وتطعن في هويته بشكل غبي وسطحي وتعيره بالألفاظ النابية التي من المستحيل أن يرددها جمهور عاقل في أي مكان في العالم بصورة كورالية أمام مسمع ومرمى كل الناس وعبر الأثير دون حياء ودون اعتبار لكل معايير الأخلاق والشرف والرجولة ودون اعتبار للأسر والصغار في البلد الأم نفسها الذين تصلهم هذه الرسائل فتخدش حياءهم وتؤثر في أخلاقهم ودون تقدير مشاعر أهليهم الذين يتابعون كرة القدم فتشنف آذانهم هذه العبارات النابية وما فيها من حمولات بذيئة تمس قدسية الأم والأسرة والعرق.
🔲 قلت لبعض الأصدقاء في مصر والسودان أن العزاء الوحيد هو أن تلك البذاءة صدرت من سفلة القوم والطبقة الدنيا في المجتمع بمعايير الأخلاق والسلوك السوي والمستوى الاجتماعي، بينما ينأى عنها ويستنكرها أهل النهى والعاقلون في السودان ومصر والذين يمثلون الأواصر الحقيقية والنقية والمستدامة بين البلدين الشقيقين.
🔲 لقد أصاب هذا السلوك في مقتل مشروع التوأمة بين الهلال والأهلي الذي اشتركنا في تأسيسه عبر ثلاثة مجالس إدارات متعاقبة كنت فيها أميناً للمال بنادي الهلال ثم نائباً للرئيس، ثم رئيساً مكلفاً والتقينا مع أدارت الأهلي مرات عديدة لتعزيز هذه التوأمة التي توجد في أضابيرها عشرات الأفكار والمشاريع حتى أصبح مألوفاً في الخيال الشعبي أن الهلال والأهلي هم الأقرب لبعضهم البعض دون كل الفرق العربية والأفريقية.
نواصل في الحلقة القادمة عن:
غابة الكاف وصراع الهلال مع الأفيال والتماسيح..

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

error: