باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
taawuniya 1135*120

الطاهر ساتي : تصدير اللحوم ..!!

إليكم

847

:: ومن تعاريف الخبر الاعلامي، كل ما هو جديد في حياة الناس، وكذلك هو عبارة عن إثارة مراد بها الخروج عن الشيء الطبيعي والمألوف، وعلى سبيل المثال الشهير (عض الرجل كلب)..ومع ذلك، أي رغم وضوح تعريف الخبر، عندما خاطب الفريق أول ركن بكري حسن صالح النائب الأول ورئيس مجلس الوزراء المؤتمر القومي للثروة الحيوانية، يوم السبت الفائت، بالنص القائل : ( لن نصدر الماشية إلا للهدى فقط، وذلك لعدم إهدار الثروة الحيوانية عبر التصدير الخام)، تحولت هذه الجملة في وسائل الاعلام إلى (أخبار).. !!

:: لاجديد في أي حديث عن تصدير اللحوم بحيث يصبح (خبراً)، ولكن يبدو أن ذاكرة الاعلام أوهن من (ذاكرة السحلية)، ولذلك صار هذا الحديث (خبراً)..ويًحكى أن كسولا عجز عن اطعام أطفاله بغير ( الفول)..وكان الأطفال يتذمرون من هذا الفول يومياً..فابتكر حيلة يصبرهم بها على الفول.. كان عند كل وجبة فول يحكي للأطفال حكاية (جديدة ومثيرة)، وهكذا يشغلهم بما يسمعون عما يأكلون .. وفي ذات وجبة، وعدهم بجلب الأسماك ثم حكى لهم عن أنواع الأسماك، وعن مذاقها وقيمتها الغذائية و..و.. حتى شبعوا فولاً .. فصار الحدث من أمثال الشام : (أكلنا سمك حتى شبعنا فول)..!!

:: وهذا حالنا مع السادة المسؤولين عن اقتصاد البلد وقطاع الثروة الحيوانية.. أي منذ ثلاثة عقود، وإلى يوم السبت الفائت، ما أن ينظموا مؤتمراَ أو يعقدوا ورشة أو يقابلوا إعلامياً، إلا ويكون وعدهم للناس والبلد (تصدير اللحوم )، ثم يقوموا إلى تصدير المواشي، ذكوراَ وإناثاً ..وهذا يعني أن ماتحدث به رئيس الوزراء – لن نصدر الماشية إلا للهدي فقط – أيضاً يعتبر من ثوابت المنتديات والورش والمؤتمرات ذات الصلة بالثروة الحيوانية.. وبالمناسبة، لم يصدر رئيس الوزراء قراراً أو توجيهاً بايقاف تصدير المواشي واستبدالها باللحوم، أو كما قالت أخبار بعض الصحف..!!

:: تصدير اللحوم لا يتم – بين ليلة و ضحاها – بالقرارات الارتجالية و توجيهات المؤتمرات ..تصدير اللحوم بحاجة إلى إرادة تؤسس مسالخ ذات مواصفة عالمية، لتحل محل العشوائيات المسماة في بلادنا بالمسالخ ..فالحقيقة الصادمة هي أن كل مسالخ البلد خالية تماماً من وحدة تصنيع مخلفات الذبيح بحيث تكون أغذية للأسماك وغيرها من الفوائد..نعم مخلفات الذبيح والمواشي النافقة ثروة في حد ذاتها، ولكن عندما لم تجد هذه الثروة من يكتشف قيمتها – عبر التصنيع – تحولت إلى أضرار تُهدد حياة الناس، بعضهم يأكلها والسواد الأعظم يصطلي برائحتها وجراثيمها..واليوم في الدنيا كلها – ما عدا السودان طبعاً – من أهم شروط إنشاء المسالخ أن تٌلحق بها وحدة تصنيع مخلفات الذبيح .. !!

:: هذه الوحدة من أهم معايير الجودة والسلامة الغذائية العالمية، وبدونها لاتصدر دولة لحومها ولا تستوردها دولة.. وللأسف، كل مسالخ البلد، ما عدا مسلخ الباقير الذي تديره شركة مصرية، غير مطابقة للمواصفة الدولية ولمعاير الجودة والسلامة الغذائية العالمية.. مسلخ الباقير فقط لاغير، وطاقته محدودة جدا (200 راس يوميا)، وما عداه مجرد مسالخ (كيري).. فالمسالخ ذات معايير السلامة العالمية،غير أنها تقي المواطن من مخاطر مخلفات الذبيح والمواشي النافقة، فهي أيضاً ترفع معدل صادر اللحوم.. والعباقرة بالقطاع الاقتصادي يعلمون بان بلوغ المسالخ لمعيار السلامة الغذائية العالمية هو المدخل الوحيد لتصدير (اللحوم فقط لاغير)..هم يعلمون، ومع ذلك لا يعملون ..!!

التعليقات مغلقة.

error: