لماذا أثار زواج وزير بوزيرة ضجة في السودان؟
أثار زواج وزير ديوان الحكم الاتحادي السوداني حامد ممتاز، من معتمد الرئاسة بولاية الخرطوم – بدرجة وزير – دكتورة ميادة سوار الذهب الكثير من اللغط في مواقع التواصل الاجتماعي السودانية، بين مبارك للخطوة، وبين منتقد لها، كما شغلت الزيجة مجتمع الخرطوم السايبيري والحيوي.
وشن نشطاء سياسيون، وناشطات نسويات هجوماً عنيفاً على الزيجة التي كشف النقاب عنها الأسبوع الماضي، كلٌ من منطلقات مختلفة، باعتبارهما شخصيات عامة لا يبعد تداول حياتهم الخاصة اختراقاً للخصوصية.
وفي أول تعليق لها على الزيجة، قالت سوار الذهب إن زواجها من القيادي بالحزب الحاكم قائم على «فكرة عميقة»، الهدف منها التقرب من الآخر سياسياً وآيديولوجياً، معتبرة وفقاً لجريدة «الصيحة» السودانية، الزواج بين قيادات سياسية وتنفيذية نموذجاً «أفضل وأصلح» للمجتمع السوداني.
وتأسفت على ما تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي عن زواجها الذي بلغ «حد السخرية» قبل أن يعرف المتداولون الأسباب والدوافع، وتابعت: «تم التداول في زواجنا بصورة سطحية لا ترقى لمستوى الموضوعية»، وأضافت: «قطعاً إذا لم أكن شخصية عامة ودستورية، فلن أجد هذا الحيز الكبير من التداول والنقاش».
لكن ما يثير الجدل ليس مجرد أن الزوجين يجلسان على كرسي وزير في الدولة السودانية، بل خلاف توجهاتهما السياسية والآيديولوجية، فالوزير العريس ممتاز من عتاة الإسلاميين الحاكمين في السودان، وتؤيد آيديولوجيته «تعدد الزوجات»، أما الوزيرة العروسة سوار الذهب، فقد كانت معارضة شرسة لنظام الحكم قبل أن تتصالح معه في «الحوار الوطني» وتتخلى عن معارضتها له، وهي تترأس لـ«الحزب الليبرالي» المناهض لتعدد الزوجات، مما أثار غضب الناشطات النسويات ضد الزيجة، من جهة والمعارضون السياسيون من الجهة الأخرى.
لم يحدث في التاريخ السياسي السوداني أن تزوج وزير بوزيرة، وهما على كرسي الوزارة، مما يجعل من الزيجة حدثاً لافتاً، فضلاً عن كونها تعد في نظر الكثيرين نوعاً من «الزواج السياسي» الذي يؤثر على الأوضاع السياسية، وأشهره زيجة مماثلة هي زيجة زعيم الإسلاميين السودانيين الراحل حسن الترابي، الذي تزوج من أسرة المهدي الدينية والسياسية الشهيرة، وحرص على تزويج قيادات وأعضاء حزبه من أسر كبيرة وشهيرة ومؤثرة في البلاد.
لكلا الزوجين سابق تجربة زواج، فالوزير متزوج بسيدة أخرى وله منها ذرية، أما الوزيرة فقد سبق لها الزواج وانفصلت عنه قبل سنين، وهنا النقطة التي أثارت غيظ «الليبراليين»، لأن زعيمة الحزب الذي يحمل اسمه تضرب بمبادئه عرض الحائط وتزوجت من رجل متزوج.
وهو ما دفع رئيسة تحرير جريدة التغيير الإلكترونية رشا عوض لاعتبار الزيجة خيانة للقيم الليبرالية والوطنية بالقول: «الخيانة العظمى التي ارتكبتها السيدة ميادة هي قبولها لهذا الدور المخزي في السياسة السودانية»، وتابعت: «أما قبولها بأن تكون زوجة ثانية أو حتى زوجة عاشرة للسيد حامد ممتاز فهذا مجرد مشهد صغير وثانوي، في مسرحية المهزلة الكبرى التي ما زالت فصولها تتوالى في أكبر مسرح للعبث في تاريخ السودان».
أما الأكاديمي المعروف د. الواثق كمير فقد قال تعليقاً على الجدل الذي أثارته الزيجة في أحد مواقع التواصل: «في حالة ممتاز وميادة، ما لم يكن هناك تضارب في المصالح، بحكم وجودهما في الحكومة، لا يخصنا أمر هذا الزواج في أي شيء، والمطلوب هو المباركة والتهنئة، وإن شاء الله بيت مال وعيال».
فيما قال الداعية يوسف الكودة: «في ديننا الإسلام من حق الواحد الزواج من أهل الكتاب، الذين يختلفون معنا عقدياً، فكيف بالاختلاف السياسي، مقارنة بالاختلاف العقدي»؟، وتابع: «مع اعتقادي التام بأن الساسة في السودان لا يختلفون على مبادئ مؤسسة، لذلك دعوا أختنا ميادة، واسألوا الله أن يوفق بينهما ويرزقهما الذرية الطيبة».
إذا كان زواج وزير بوزيرة حالة جديدة في السودان، فإنها نادرة في معظم أنحاء العالم، لكنها غير مستحيلة، فقد نقلت تقارير إعلامية في عام 2015 أن رئيس جمهورية «ترانسنيستريا» الموالية لروسيا سيتزوج وزيرة خارجيته لتصبح السيدة الأولى، بيد أنه وعد بأن تستقيل الوزيرة نينيا شتانسكي ستستقيل من منصبها لتقوم بوظيفة زوجة الرئيس. أما الرئيس العراقي غازي عجيل الياور، فقد نقلت التقارير أنه عقد قرانه على وزيرة الأشغال نسرين برواري وزير الأشغال العامة في حكومته، وأقام حفلا عائليا في مدينة أربيل شمالي البلاد.
وفي مصر أثار زواج محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر من وزيرة الاستثمار السابقة داليا خورشيد، الكثير من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، باعتبار العروسين لهما علاقة وظيفية بالأزمة الاقتصادية التي كانت تعانيها مصر وقتها.
ومع أن وظيفة ووزارتي كل من ممتاز وميادة لا علاقة مباشرة لها بالأزمة الاقتصادية السودانية، إلا أن الكثيرين اعتبروا زواج الوزيرين في مثل هذا التوقيت وأزمة الخبز والوقود ونقص السيولة، مستفزاً للذين يعانون الأزمة.
*نقلاً عن “الشرق الأوسط”
التعليقات مغلقة.