منذ وقوع إبادة جماعية في مدينة خوجالي سنة 1992، يعيش شعب أذربيجان آلام هذه الإبادة ويحيي ذكراها سنويا. فأصبحت المسيرة الشعبية بتاريخ 26 فبراير في باكو لزيارة تمثال خوجالي بحضور ومشاركة رئيس الجمهورية رمزا لإحياء الذكرى. ففي إطار حملة العدل لخوجالي يقوم الجاليات في مختلف بلدان العالم بإحياء ذكرى خوجالي. وقد اعترف بعض الدول وبرلماناتها في العالم بهذه الإبادة الجماعية.
فهذا العام يختلف إحياء الذكرى لخوجالي في أذربيجان، حيث إن جمهورية أذربيجان انتصرت على جمهورية أرمينيا خلال حرب استغرقت 44 يوما سنة 2020، فأسفر هذا النصر عن طرد القوات المسلحة الأرمينية من أراضي جمهورية أذربيجان وتأمين سيادتها ووحدة أراضيها. فانتقمت القوات المسلحة الأذربيجانية من العدو الغاشم الذي كان لا يرحم صغيرا ولا كبيرا، وطهرت الأراضي من وطأة العدو.
ولكن المأساة هي المأساة…تعيش وسوف تعيش في أذهان الشعب على مر السنين والقرون، حتى لا ينسى تاريخه.
إذن، إحياء الذكرى السنوية لإبادة جماعية خوجالي تأتي في جو الانتصار والثأر بدم الأبرياء.
مع الأسف البالغ، أن هذه المجزة لم يسبق لها مثيل، مجزرة تجاوزت كل ما هو معروف من قبل. ففي فبراير عام 1992 تعرضت مدينة خوجالى الواقعة فى جمهورية أذربيجان هى وسكانها إلى إبادة جماعية. قد شملت إبادة وإصطياد آلاف الآذريين، وسُويت المدينة بالأرض. ففى خلال ليلة 25 إلى 26 فبراير لعام 1992 قامت القوات العسكرية الأرمينية بمساعدة قوات المشاة من الفوج رقم 366 للإتحاد السوفيتى السابق؛ والذى يتألف معظمه من الأرمن؛ قامت بالإستيلاء على مدينة خوجالى. وحاول سكان خوجالى الذين ظلوا فى المدينة قبل تلك الليلة المأساوية، أن يغادروا منازلهم بعد بداية العدوان، آملين فى الخروج إلى طرق تؤدى بهم لأقرب الأماكن المأهولة بالآذريين. لكن خططتهم فشلت، وذلك بعد أن دمر الغزاة مدينة خوجالى، وقاموا بتنفيذ المذبحة بوحشية فريدة من نوعها على السكان المسالمين. ونتيجة لذلك العدوان، فقد قُتل 613 مواطنا، من بينهم 106 إمرأة، و63 من الأطفال و70 من العجائز. كما جُرح 1000 شخص وتم أخذ 1275 رهينة من السكان. وحتى يومنا هذا، فمازال هناك 150 مفقوداً من خوجالى.
وطبقاً للأخبار وروايات الشهود التى أظهرت بشاعة العدوان، تم الكشف عن مستوى وحشية المجزرة التى جرت، بحيث شملت الأعمال الوحشية من قبل القوات الأرمينية سلخ فروة الرأس وقطع رؤوس النساء الحوامل وبقر بطونهن، والتمثيل بجثثهن. ولم ينج من ذلك المصير حتى الأطفال.
إن شهادة سيرج سركسيان رئيس أرمينيا السابق، والتى جرت عملية خوجالى تحت إدارته ، توضح الأمور وتكشفها من تلقاء نفسها: ” لقد كان الآذريون قبل خوجالى يظنون أن بوسعهم المزاح معنا، وكانوا يعتقدون أن الأرمن شعب لا يمكنه رفع أيديهم ضد السكان المدنيين. ولكننا كنا قادرين على تحطيم هذه الصورة ( النمطية)”.
إن أحد المتشددين النشطاء للمنظمة الأرمينية الإرهابية أصالة (Asala)، فاجن سسليان، الذى يرتبط إسمه بالعديد من الهجمات الدموية الإرهابية فى مختلف أنحاء العالم، لم يخف عن الصحافة مسئوليته عن قتل الأطفال الآذريين فى خوجالى. وقد تم الاعتراف بسسليان لاحقاً بإعتباره بطلاً لحرب قاراباغ، وذلك فى كلمة لرئيس جمهورية أرمينيا روبرت كوتشاريان.
فإن الأعمال الوحشية الأرمينية لم تنته عند خوجالى، حتى التراث الثقافى الأذربيجانى أصبح هدفاً للتدمير والإذلال المنهجى المنظم.
فمحاولة جمهورية أرمينيا حول الصداقة والتعاون الوثيق مع الدول الإسلامية والأمن الإقليمي والعالمي ليس إلا هراء.
ومن الغريب أن ذلك البلد (أرمينيا) الذى يتحمل المسئولية الأساسية فى إشعال الحرب والقيام بالعدوان ضد أذربيجان، ارتكبت العديد من الجرائم البشعة خلال النزاع السابق، ودعت إلى الأيديولوجية العنصرية السافرة، ولكنها تحاول إنكار ذنبها ومسئوليتها عن تلك الجرائم دون خجل أو حياء.
وليس من قبيل المصادفة أن تثبت اليونيسكو والإيسيسكو في قراراتها تدمیر وتخریب الآثار والمقدسات الإسلامیة التاریخیة والحضاریة في أراضي أذربیجان المحتلة نتیجة عدوان جمھوریة أرمینیا على جمھوریة أذربیجان.
حتى فترة الحرب ارتكبت القيادة الفاشية لأرمينيا جريمة حرب أخرى. تعرضت مدينتا غنجا ومينغاتشفير وأغدام، وترتر وغيرها من المدن السكنية لقصف صاروخي. ونتيجة لإطلاق النار الجبان قتل وجرح مواطنونا. فهذا يظهر مرة أخرى الطبيعة الفاشية للقيادة الأرمينية.
ودولة مثل أذربيجان لم يكن بوسعها الصبر على محتل أكثر من ٢٨ عامًا…! فسريعًا حسمت قيادة أذربيجان أمرها، فاستردت معظم أراضيها المحتلة بقوة جيشها الباسل من وطأة العدو الغاشم خلال 44 يوما، ثم ركنت العدو وأرغمته على الاستسلام العسكري، فبعد ذلك تمكنت من استعادة باقي أراضيها بالتفاوض والسياسة.
فانتصار دولة أذربيجان لم يبق عند حد إنهاء الاحتلال الأرمني فحسب، بل قضى على الفاشية الأرمينية.
السفير تورال رضاييف
سفير جمهورية أذربيجان لدى الخرطوم
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.