قبل يومين ذهبت إلى ذلك الصرح الضخم، مستشفى يونيفيرسال، الذي يقع أسفر كوبري كوبر..
ليس من النظرة الأولى، بل على طول تواجدك في المبنى الأنيق، تشعر أنك خارج السودان.
في ذلك المكان، حيث يتواجد أفراد موضوعين في الحجر الصحي، بعد أن خالطوا مُصابا بالكورونا، ارتدينا “بدلة الوقاية الكاملة”، الكممات والقفازات للالتقاء بفتاة في غرفة انفرادية.
رغم الإجراءات المشددة وتعاون جميع الموجودين في المستشفى، إلا أننا تفاجأنا برفض الفتاة مقابلتنا، باعتبارنا من الإعلام.
بلا شك، هي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فكثير من المصابين أو المشتبه بهم يظنون أنها “وصمة”.
حتى من هم أفضل فهماً من أولئك، يشيرون إلى أن أسرهم وأصدقاءهم ومعارفهم سيتعاملون لاحقاً على أنهم مصابون بالوباء..!
أرى ما يدونه وما يبثه مرضى كورونا حول العالم، من نصائح وتحذيرات، وأشاهد كثيرا من الحوارات، وأسعد كغيري بالذين أتم الله شفاءهم وهم فرحون بانتهاء أزمتهم وعودتهم إلى منازلهم.
المشتبه به هو شخص معافى من كورونا إلى أن تتأكد إصابته، ومن أصيب به فهو مريض يستحق كل أنواع التعاطف.
من كان يظن أن الرؤساء والملوك والسياسيين والرياضيين والفنانيين والإعلاميين والممثلين والمشاهير عامةً سيصابون بالوباء..؟!
لابد أن يرتفع الوعي الاجتماعي بالمرض وكيفية التعامل مع المصاب والمشتبه به، وأنهما شخصان سيتعافيان ولن يبقيا في العزل مدى الحياة.
الطالب محمد حاتم، الذي يدرس هندسة كهرباء في بريطانيا وعاد إلى الخرطوم عبر اسطنبول، عزل نفسه في بيته والتزم بالحجر المنزلي وبث رسالة كبيرة ومفيدة أنه يفعل ذلك من أجل الآخرين قبل نفسه رغم أنه لا يشعر بأي أعراض.
لا يصافحهم ولا يتناول الطعام معهم إلى أن تنتهي فترة “الحضانة” أو المدة التي ستظهر خلالها الأعراض إن كان الشخص من المصابين.
هناك من هم مثل محمد، عادوا من الخارج، في بلاد تفشى فيها الوباء، لكنهم لا يقولون ذلك، خشية أن يبتعد الناس عنهم، ولا يخالطوهم، أو لأنهم يفكرون في أنفسهم أولاً.
نحتاج أن يعلو صوت العقلاء من المرضى إن كانوا قادرين على الحديث، ومن أسرهم وأصدقائهم برفع معنويات مرضاهم وبضرورة اتخاذ الإجراءات الصحيحة حفاظاً على الآخرين، وحتى يكونوا من “المُؤثرين”.
نحتاج أن لا نكذب أننا كنا خارج البلاد، أو نخفي معاناتنا من أعراض كورونا.
حقاً نحتاج إلى الكثير.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.