زهير السراج: معركة مرحوم الكورونا !
مناظير
* أعلنت وزارة الصحة وفاة أول مواطن بمرض الكورونا المعروف بـ (كوفيد 19 ) ـ Covid 19 أي (مرض الفيروس التاجي 19) حيث يرمز الحرفان (Co) لكورونا ـ Corona التي تعنى التاج، والحرفان (vi) لفيروس ـ virus ، والحرف (d) لمرض ـ disease، بينما يرمز العدد 19 لسنة 2019 التي ظهر فيها المرض، وهو سريع العدوى والانتشار ولكنه متوسط الخطورة بسبب انخفاض نسبة الموت التي لا تزيد عن 3 % (أي ثلاثة أشخاص من كل مئة مصاب)، وهي نسبة منخفضة مقارنة بالأمراض الشبيهة مثل السارس (SARS ) الذي تبلغ نسبة الوفاة فيه حوالي 10 %، والميرس (MERS ) الذي تتراوح فيه النسبة ما بين 30 الى 40 %، غير أن نسبة انتشار الاخيرين أقل بكثير من سرعة ونسبة انتشار كوفيد 19 وهو مصدر خطورته!
* في حقيقة الأمر فإن الأمراض الثلاثة أقل خطورة بكثير من عدد كبير من الامراض المستوطنة في السودان مثل (الملاريا) التي تصيب حوالي مليون ونصف مليون مواطن سنوياً معظمهم من الأطفال، وتقضي على حياة أكثر من ثلاثة آلاف، ولا داع لكل هذا الهلع من الكورونا غير أن الحرص واتباع الإجراءات الوقائية مثل الابتعاد عن مناطق الزحام وغسل اليدين بالماء والصابون باستمرار أو استخدام مطهرات اليدين (إذا تيسر ذلك) أمر في غاية الاهمية للوقاية من المرض، ويمكن اللجوء لاستخدام الكمامات الجيدة (وليست قليلة الجودة التي تباع في الأسواق) في حالة السفر والعمل وسط المرضى أو عند الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي، بالإضافة الى تغطية الانف والفم عند العطس لحماية الآخرين !
* فور اعلان وزير الصحة عن سبب وفاة المواطن (رحمه الله وألهم أسرته الصبر وحسن العزاء) وتأكيده لوجود الفيروس في العينات التي اُخذت من الجثة، أصدرت أسرته ومستشفى يستبشرون التي استشفى فيها بعض الوقت بيانين منفصلين نفيا فيهما وفاته بفيروس كورونا، وهددت الاسرة بمقاضاة وزارة الصحة، وقالت إن الفحوصات التي أجريت له كانت سالبة، وهو ما جاء أيضاً في بيان المستشفى، ولا أستبعد صحة قولهما، وكذلك صحة ما أعلنه وزير الصحة..!
* الأمر ببساطة يتعلق بطبيعة المرض والفحوصات التي تستخدم لإثبات وجود الفيروس في العينات (إذا استبعدنا حدوث أخطاء في جمع او فحص العينات)، إذ أن الفيروس لا يظهر عادةً في الاختبارات التي تُجرى في وقت مبكر من ظهور الأعراض مما يحتم تكرارها عدة مرات للقطع بعدم وجوده، ويبدو أن ذلك هو السبب في سلبية الفحوصات التي أجريت للمرحوم أثناء تلقيه للعلاج، ثم ظهر الفيروس في مرحلة لاحقة وهو ما أثبته فحص العينات التي أخذتها وزارة الصحة لاحقاً..!
* هنالك نوعان من الفحوصات لفيروس كورونا، الاول والأكثر استخداماً في العالم والذي يستخدم في السودان هو الفحص الحمضي ( PCR ) الذي يسعى لإثبات او نفي وجود الفيروس في جسم المريض بمطابقته للفيروس المسبب للمرض، وتؤخذ العينات في العادة من مؤخرة الحلق او اللعاب او الاسهال عند اشتباه الاصابة بفيروس الكورونا (وكانت تقنية الفحص الحمضي إحدى أدواتي للحصول على شهادة الدكتوراة في الاحياء الجزيئية)، والثاني والأقل انتشاراً هو الفحص المناعي الذي يسعى لإثبات او نفي وجود الأجسام المضادة لفيروس كورونا في دم المريض وهو لا يستخدم في الوقت الحالي في السودان لعدم وجود المواد اللازمة لذلك، وكلا الاختبارين دقيقان، غير أن الفحص المبكر في كليهما قد يقود الى نتيجة سالبة خاطئة، وهو ما يستدعي تكرار الفحص .. ولا ادري كيف فات ذلك على المستشفيات التي تلقى فيها المريض العلاج (له الرحمة والمغفرة)!
* ولا أعفي وزارة الصحة من المسؤولية، إذ كان من المفروض أن تصدر دليلاً للمؤسسات الصحية توضح فيها طريقة اخذ العينات واجراء الفحوصات والتعامل مع الحالة وكل ما يتعلق بذلك..!
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.