منذ أسابيع، أغلقت كثير من المستشفيات الحكومية أبوابها إثر تكرر حوادث الاعتداء على الأطباء.
يرى أهل المريض أن الطبيب بين عبارةٍ وأخرى يردد: للأسف “الجهاز معطل”.. “الدواء مافي”..”الشاش انتهى”..”الفحص ما طلع”..”القروش إلا تتدفع” إلخ.. فيموت المريض إهمالاً أمام أعين الجميع، وتعتدي أسرته على الطبيب “اللامبالي” والعاجز عن إنقاذ ابنهم.
بينما يعتبر الطبيب أنه لن يستطيع الكشف عن المريض أو علاجه ما لم تتواجد معينات أساسية له، عجزت الجهات المعنية من (إدارة المستشفى أو وزارة الصحة) من توفيرها له.
ولأن ما يحدث في المستشفيات الحكومية بائس ومزري لأبعد الحدود، كان لا بد من الوقوف على أحدها.
وبمبادرة من أحد الأطباء، وبتنسيق مع إدارة مستشفى بحري، وُجهت دعوة لعدد محدود من الصحفيين وأعضاء من قوى التغيير لزيارة المستشفى والوقوف على حاله البائس.
الصرف الصحي، الاتساخ وعدم النظافة يستقبلانك من الخارج، عربات إسعاف لا تصلح لنقل الحيوانات ناهيك عن الإنسان، أوكار للفئران موجودة منذ بضعة أشهر، لكن كل ذلك لا يهم.
في الداخل، حركة نشطة للأطباء يحاولون فعل ما يمكن إنقاذه دون كلل أو ملل، لا يأبهون بمرتباتهم الضعيفة، أو حالهم الذي لم يتبدل أو يتحسن.
“جهاز الضغط” هو أبسط أنواع الأجهزة كما قالت لنا طبيبة في مستشفى بحري، غير متوفر في غرفة العناية الوسيطة، بينما لا يوجد في غرف الطوارئ سوى “دربات” وبضعة أدوية.
وبينما كان المرضى يشكون لنا الحال، إذ بنائب مدير المستشفى يعترض على هذا التواجد، رغم تنسيق مسبق بين الأطباء وإدارة المستشفى.
المحزن أن التفكير في تلك اللحظات ينحصر في أن “الحال الآن أفضل بكثير من عهد النظام المخلوع”، وكأننا في مرحلة مقارنات، لا تحسينات، بل كأن النظام السابق هو النموذج الممتاز للمقارنة به.!
يعتقد بعض الذين يتولون وظائف في الدولة، أن عكس تقصيرهم يُعد أحد أدوات “الدولة العميقة” في الهدم، ولا يدركون أنه الواجب والمطلوب.
نقد الحكومة أو المسؤولين ليس مدعاة بعد الآن للتخوين والذم، فدعم الحكومة الانتقالية يتم بإظهار الحقائق وسماع الآخر وتوجيه النصح وليس بوضع مقارنات ساذجة لإثبات النجاح!
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.