هنادي الصديق: سقوط القيادة
بلا حدود
حالة الهلع والخوف التي انتابت سكان ولاية الخرطوم، بعد تمرد هيئة العمليات بجهاز الأمن والمخابرات، كانت تيرموميتراً لقياس درجة التزام المكون العسكري بميثاق الحرية والتغيير، ومدى مصداقيته تجاه الثورة، وكانت النتيجة الحتمية، السقوط المدوي بامتياز، ونتيجة طبيعية للاتفاق الشائه وغير المرحب به والذي جاء على مضض بين المجلس العسكري وقوى اعلان الحرية والتغيير والذي أبقى إدارة القوات النظامية والمؤسسات العسكرية والأمنية وإعادة هيكلتها خارج سلطات وصلاحيات القوى المدنية، ما يعتبر سقطة كبرى لا تقل عن سقطة بقاء مليشيا الدعم السريع خارج منظومة القوات المسلحة حتى الآن. إضافة للتهاون الكبير والاستهتار من قبل الحكومة الانتقالية وتراخيها في التعامل بحسم وحزم مع الحزب المحلول وفلوله، وتجميد حساباته والحجز على ممتلكاته وارصدة قيادته، واعتقالها وتصفية النظام البائد تصفية كاملة بمؤسساته المختلفة منذ وقت مبكر، والتراخي في تقديم رموزه لمحاكمات فورية، وقطع شوكته منعاً لأي محاولات للانقضاض على الثورة. كل ذلك يوضح ضعف الإرادة السياسية للمكون المدني، وضعف الحس الأمني لقوى الحرية والتغيير، وبعدها عن الحساسية السياسية التي تعينها على حماية الثورة، وانشغالها بقضايا خلافية جعلت العاصمة مستباحة في وضح النهار من مجموعات مرتزقة محمية بغطاء أمني عسكري مهما حاول المكون العسكري التملص منه واعتباره كطفل سفاح. وللخروج من هذه الازمة التي ستعصف بالفترة الانتقالية يتطلب الأمر ان تضع الحكومة الانتقالية روشتة لإيقاف تمدد فلول النظام البائد، وفي ذات الوقت لوقف طموحات قائد الدعم السريع واستراتيجيته الرامية للكسب الشعبي الذي يشكل له حاضنة جماهيرية. والذين يسعون لتبرئة المكون العسكري من ألأحداث عليهم أن يشغلوا عقولهم قليلا، لماذا لم يعلن المكون العسكري عن حجم الضحايا من طرفه حتى الآن، ولماذا يتكتم على الحقيقة حتى الآن ويكتفي بابراز بيانات مقتضبة فقط لم تشبع نهم المواطن لمعرفة الحقائق كاملة، ولماذا يظهر قائد الدعم السريع ونائب رئيس المجلس السيادي المتواجد بجوبا، في الميديا للتعليق عن الاحداث في ظل وجود الرئيس البرهان المتواجد بالخرطوم؟. اتفق مع الزميل وائل محجوب في روشتته المطالبة بضرب أطواق عسكرية لحماية كافة المنشآت الرئيسية، وإستلام كافة المواقع العسكرية المعلنة والسرية للتنظيمات العسكرية التي صنعها النظام البائد وعلى رأسها الدفاع الشعبي والأمن الشعبي، وتأمين السجون بشكل كامل منعاً لأي محاولات لتهريب عناصر النظام البائد، والتحفظ على كافة قياداته السياسية والعسكرية والأمنية، وعلى الثوار مراقبة الأوضاع والإستعداد الشعبي للتحرك في أي لحظة لحماية مكتسبات الثورة من التقويض والانقضاض عليها من قبل سدنة العهد البائد وجيوبه. ومن ثم فتح أبواب التجنيد للثوار في المؤسسات الأمنية والقوات النظامية العسكرية بشكل عاجل، وأن لا يترك هذا الأمر للمكون العسكري فقط منعاً لأي تلاعب محتمل، وقبل ذلك إبعاد المقابر العسكرية والأمنية خارج الاحياء السكنية، فالمدنية والديمقراطية بلا أنياب ومخالب حادة تحرسها ستلتهمها حتماً الديدان والزواحف والقوارض.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.