تسنيم عبد السيد: حضرات السادة المسؤولين
*دائما ما أجدني أحتفي بسيرة الخليفة عمر بن الخطاب، وأتأمل حياة الناس في ذلك العهد وكيف أنّهم عاشوا مطمئنون في كنفِ حاكم يخاف الله فيهم، يأخذ اللقمة من فمه ليطعمهم، ويذلّل لهم مصاعب الحياة ليضمن لهم حسن العيش والرخاء، فقد ضرب ابن الخطاب أروع الأمثلة في القيام بحقّ الرعية، والإهتمام بأمر المسلمين على أكمل وجه، حتى روي عنه أنّه كان يقول: ” إنّي والله لأكون كالسراج، يحرق نفسه ويضيء للناس”.
*وأتساءل متى يفتح الله علينا بأمثال أولئك البشر، الذين أدركوا حجم المسؤوليات وأكملوا المهمات بأفضل ما يكون، لماذا يأتي ويذهب الحكام والمسؤولين في بلادنا دون أنّ نشعر بهم.
*لماذا لا ينزل حضرات السادة المسؤولين في هذه البلاد إلى واقع الناس، ويتحرّكوا بينهم يقفوا على معاناته بأنفسهم، وأجزم أنّهم إنّ فعلوا ذلك إمّا إستقالوا بعد أنّ تتقزم قدراتهم أمام حجم المآسي والكوارث الملقاة على عواتقهم، وأمّا الخيار الثاني أنّ يستعينوا بالله من ” الشيطان” و” الكيزان” ويبدأوا العمل بجدٍ قبل تنتهي فترتهم دون أنّ نرى منهم أبيضًا ولا أسود ويذهبوا غير مأسوفًا عليهم.
*البعض يحتفي هذه الأيام بشفافية بعض المسؤولين في طرح القضايا، على إعتبار أنّها ظاهرة صحية لكشف الحقائق وإزاحة الستار عن ما كان يغيب عمدًا في العهد السابق، لكنّي أقول ما فائدة الحديث النظري دون عمل، صحيح أنّ ” زمن الدسدسة والغتغيت إنتهى” لكن ماذا بعد؟.
*فمهما كانت ضرورة الصدق والشفافية في نقل مشاكل وأزمات الناس، وصياغتها في تقارير لرفعها للحكام والمسؤولين لن يكون مجديًا، كما لو نزل ذاك المسؤول وخالط الناس وعاش واقعهم وإضطلع بنفسه على ما يؤرق المضاجع وينقص العيش.
*ففي أبسط مثال على ذلك لن يستطيع من لم يركب في حياته ” مواصلات” أنّ يحدثك عن أزمة المواصلات وإنعدامها في أحيانٍ كثيرة، والمعاناة اليومية في الحصول على مركبة تقل للعمل أو تعيد للمنزل.
*أتعجب لأمرِ المسؤولين في هذه البلاد التي لم يفتح الله عليهم حتى بمجاملة المواطنين في أزماتهم، أنّ نرى أحدهم يومًا في صف ” عيش” أو يقف بجانبك في ” بص والي”، ليس من باب مسؤولياته فقط وإنّما على أسوأ الفروض أنّ يتعامل مع الأحداث بشيء من الذكاء السياسي ويصنع لنفسه في قلوب الناس مكانة لكونه أفضل من غيره ويتشبه بعامة الشعب ويتقرب من أحواله.
*لكن للأسف مسؤولينا لا حصافة ولا ذكاء سياسي والحمد لله، لا أعلم ماذا ينتظرون بعد مرور كل هذه المدة من وجودهم على رأس الدولة دون أن نشعر بذلك التغيير في حياتنا وأنه بالفعل قد قامت ثورة في هذه البلاد بذلت فيها الأرواح الغالية لأجل العيش والحياة الكريمة، مؤكدا أنهم يجتهدون لكنّ للأسف ببطء شديد جدًا أمام أزمات تحتاج لتدخلاتٍ عاجلة وحلول حاسمة دون أنّ نسمع حجج الدولة العميقة وإفتعال الأزمات، فأنتم أصحاب الكلمة والسلطة لا غيركم.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.