(1 )
الأمر المتفق عليه هو أن الحداثة السياسية في السودان بدأت مع الحكم التركي (1821 -1884) إذ مع هذا الحكم أصبحت هناك دولة مركزية لها حدود ولها عاصمة بيد أنها ناقصة السيادة أي غير مستقلة لأنها ملحقة بالدولة العثمانية ولعل المفارقة أن هذه الدولة حافظت على حدودها التي تركها عليها الحكم التركي حتى (2011) اقتصادياً أدخل ذلك الحكم بدايات الاقتصاد النقدي من زراعة قطن ونيلة وإقامة ميناء سواكن للتصدير اجتماعياً ظهر التعليم الحديث في ست مدارس لأبناء الجاليات مع (شوية) سودانيين. فالتحديث الاقتصادي والاجتماعي كان محدوداً جداً. جاءت المهدية فكنسته بسهولة ولكنها أبقت على مركزية السودان الذي جعلته منطلقاً لإقامة دولتها الأممية في تقديري أن الفترة التركية التي فاق عمرها الستين عاماً لم تقيم تقييماً موضوعياً فحبنا واعتدادنا بالإمام المهدي جعلنا ننظر لها كفترة قهر وجباية واستعباد ومذابح ولكن من المحتوم أن يأتي يوماً تحظى فيه هذة الفترة بدراسة موضوعية لها ما لها وعليها ما عليها مثلها مثل الفترات التي أعقبتها من مهدية واستعمارية بريطانية وعهود وطنية وليس بالضرورة أن تكون هذه الدراسة مرتبطة بزيارة السيد رجب أوردغان التي بدأت أمس إذ لاتوجد مقارنة بين هذه الزيارة وزيارة الوالي محمد علي باشا للسودان 1847
(2 )
المنطقة العربية الإسلامية شحيحة جداً في إفراز قيادات كاريزمية، ولكن الملاحظ أن كل الذين تسنموا هذه المرتبة كان طريقهم المؤدي إليها هو فلسطين وأكثر تحديداً القدس فمنذ صلاح الدين إلى رجب طيب أوردغان مروراً بعبد الناصر والخميني كلهم رفعوا شعار تحرير فلسطين وتخليص المسجد الأقصى من الصليبيين ثم من اليهود الصهاينة. ففلسطين كانت ومازالت قضية المسلمين والعرب المركزية فزائر السودان اليوم السيد رجب طيب أوردغان كان في الفترة الأخيرة من أقوى الملاسنين لإسرائيل وكان أكبر المتصدين لقرار الرئيس ترمب القاضي بنقل السفارة الأمريكية للقدس، ولكن في نفس الوقت لم يقطع علاقته بإسرائيل ولم يسحب سفيره منها ولم تتأثر علاقة تركيا الاقتصادية بإسرائيل وهذا هو الخلاف بينه وبين الخميني وعبد الناصر.
(3 )
لعل أكبر إنجاز إذا لم نقل إعجاز والذي أعطى أوردغان مكانة إقليمية ودولية هو ما فعله داخل بلاده تركيا وكما يقول المثل السوداني (الضؤ من بيت امه) ففي فترة حكمه المحدودة وبذات إمكانيات بلاده وعن طريق الحكم الراشد القائم على محاربة الفساد وإشاعة حرية التعبير والتنظيم استطاع أوردوغان أن ينقل تركيا من دول العالم الثالث إلى مصاف الدول التي تتمتع بأقوى اقتصاديات في المنطقة بمعايير الناتج القومي الإجمالي ومتوسط دخل الفرد وقد طفر بها عسكرياً إذ أبعد الجيش عن السياسة وجعله أقوى جيوش المنطقة عتاداً وتقنية ورجالاً. والذي يهمنا اليوم أن تركيا أصبحت اليوم قوة ناهضة تبحث عن الشراكات الاقتصادية (زراعية وصناعية) للمزيد من القوة وبلادنا مهيأة لهذا النوع بما تملكه من موارد ضخمة غير مستغلة وبما تعيشه من حصار اقتصادي من أقرب الأقربين فتأسياً على (الحتة دي) ينبع الترحيب بزيارة أوردغان للسودان، فالتاريخ قد يفيد عاطفياً والكاريزما الشخصية قد تساعد في اقتحام (زريبة) الحصار ولكن يبقى المهم (زراعتنا وصناعتنا وليالي هنانا) و(انت اقطع لي وانا بمسك ليك) وبارك الله في من نفع واستنفع .فالزمن زمن علاقات ثنائية بلا محاور بلا لمة .
عاجل
- رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن فوز ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية
- الجيش يبسط سيطرته على الدندر
- استشهاد قائد منطقة البطانة العميد أحمد شاع الدين
- البرهان يتفقد المواطنيين بمدينة أمدرمان
- طيران الجيش يقصف مواقع تجمعات قوات الدعم السريع شرق الفاشر
- السودان.. إسقاط مسيرات في مدينة كوستي
- السودان.. حرق برج الاتصالات في الخرطوم
- حميدتي يقيل مستشاره يوسف عزّت
- الجيش يصدّ هجومًا للدعم السريع على مدينة سنار
- السودان..إسقاط مسيرات في كوستي
التعليقات مغلقة.