باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
taawuniya 1135*120

د. إبراهيم الصديق علي : الموازنة: قراءة في التفاصيل (1)

رؤى وأفكار

646

(1)
أكثر تحديات الميزانية في السودان – في رأيي – هو الولاية على المال العام، لأن هذه الحقيقة الموضوعية تبدو عصية على التنفيذ والتحقق، والكثير من الموارد في الدولة تدور خارج وبعيداً عن اشراف وزارة المالية، ويمكن أن نعدد هذه المظاهر في:
– التجنيب للموارد والايرادات، وهناك مبالغ ضخمة، تتحرك في الأسواق وتؤثر في حركة النقد ومعدلات التضخم دون اشراف من وزارة المالية، وحتى لو سلمنا جدلاً أن هذه الموارد تدور في إطار محاسبي سليم، فإنها قد تتعارض مع توجهات السياسة المالية والنقدية وتحدث تأثيراً، ولذلك لا بد من التأكيد على هذه النقطة وباصرار من وزارة المالية وبمساندة من مجلس الوزراء في إطار اصلاح الدولة ومن المجلس الوطني في إطار الرقابة وسلامة الأداء.
– وهناك مظهر آخر، من الموارد والميزانيات خارج سلطة وزارة المالية، وهو ميزانيات الولايات، لقد كانت هناك ميزانية شاملة في السودان حتى التسعينات، والآن فإن هناك موارد مالية في الولايات، واتجاهات للصرف والإنفاق، إن الموازنة التي طرحتها الموازنة الجديدة في حدود 172 مليار جنيه، وربما في الولايات أكثر من 70 مليار جنيه ، إن موازنة ولاية الخرطوم تقترب من 20 مليار جنيه وموازنة ولاية الجزيرة 3.8 مليار جنيه، وهذه الميزانيات قد تكون موارد حقيقية أو استدانة من النظام المصرفي، وفي كل الأحوال، من الضروري أن تكون هناك ميزانية شاملة أو تجميعية تقدم صورة موضوعية لحركة النقد وعرضه.
– وصورة أخرى من الولاية على المال العام، تتمثل في الاعفاءات المتعددة، وهي موارد مهدرة تذهب لمنظمات وجماعات مختلفة، وقد لا تشكل إضافة للناتج القومي أو الميزان التجاري.
(2)
حسب إحصاءات وزارة المعادن فان انتاج السودان من الذهب يقترب من 100 طن ، وحاز بذلك ترتيبا ضمن قائمة العشرة الكبار فى انتاج الذهب على مستوى العالم ، ولكن احصاءات بنك السودان وجهات الصادر ، فإن ما يتم تصديره لا يتجاوز 30 طنا ، وكانت حصيلة الذهب حتى الربع الثانى تتجاوز 863 مليون دولار ، والسؤال : اين ذهب المتبقى 70 طنا من الانتاج ؟ ، ان التهريب يستنزف الكثير من الموارد ، وليس الذهب وحده وانما السمسم والصمغ العربي ، وهى منتجات سودانية بكل المقاييس ، ان هذه نماذج من الولاية على الموازنة ومحاصرة مظاهر الصرف خارج الموازنة والتهريب لهذه السلع المهمة ، تستدعي ابتداع سياسات تسويقية ولاستقطاب هذا الانتاج وتوفير بيئة جاذبة بالاضافة للاجراءات الأمنية والقانونية.
(3)
والنقطة الثالثة، الجديرة بالوقوف، هي قياس الأثر للسياسات المالية والاقتصادية السابقة، إن ميزانية العام الماضي 2017م تضمنت دعماً للقطاع الزراعي والصناعي، فما هو أثر تلك السياسات، أين نجحت؟ وأين أخفقت؟ وما هي السلع الأكثر ايراداً والأكثر عائداً، إن عائد القطن يختلف كلياً عن عائدات السمسم، ومردود الثروة الحيوانية.
إن عائدات القطن وحتى الربع الثاني من العام 2017م، تبلغ 88 مليون دولار والصمغ العربي 50 مليون دولار والسمسم 196 مليون دولار والذهب 863 مليون دولار والحيوانات (حية ولحوم) تبلغ 486 مليون دولار، وبهذه الأرقام، فإنني أتوقع أن يتم التركيز على السمسم من بين المحاصيل، لسهولة زراعته ولأنه يمثل أسواقا جديدة، ولأن السمسم سلعة مرغوبة عالمياً، ولكن الميزانية خذلتني في هذه النقطة، فقد تضمنت زيادة الانتاج من 1.2 مليون طن إلى 1.4 مليون طن، بينما اتجهت الميزانية إلى القطن من 500 ألف إلى 840 ألف طن، إن اقتران الميزانية بخطة واضحة ومشاريع تفصيلية تحقق الغايات ويمكن بناءً عليها قياس الأثر ودراسة المردودات.
ولنا عودة

التعليقات مغلقة.

error: