حكومة حمدوك .. قراءة من عدة زوايا
وأخيراً، انتهت الحكاية، بإعلان عبد الله آدم حمدوك رئيس الوزراء، أسماء أول حكومة بعد سقوط نظام المعزول عمرالبشير، وهذه قراءة أولية في متن وحواشي تلك الخطوة التي تعد “تاريخية” بكل المقاييس :
الخرطوم : عبد الحميد عوض
(1)
وزراء السودان ……”ألف ونص”
بتعيين 18 وزيراً في حكومة الدكتور عبد الله حمدوك، يقترب عدد السياسيين السودانيين الذين تبوأوا مقاليد الوزارات في السودان نحو 1500 شخص.
وحسب إحصاءات أجراها الأستاذ عبد الباسط سبدرات في سفره القيم ” قبيلة السيد الوزير ” فإن عدد الوزراء في حكومة الديمقراطية الأولى 1954 – 1958م بلغ (66) وزيراً، وفي حكومة الفريق عبود 1958 – 1964م نال اللقب (28) وزيراً، أما حكومات أكتوبر 1964 – 1965 نال لقب الوزير (22) سياسياً.
أما الديمقراطية الثانية 1965 – 1969 فقد ناله (68) وزيراً وفي نظام الرئيس الأسبق جعفر نميري والذي سيطر على مقاليد السلطة لـ16 عاماً في الفترة من 1969 – 1985م فقد حظي بلقب الوزير (555) وزيراً.
في الحكومة الانتقالية برئاسة الجزولي دفع الله 1985 – 1986م فقد نال لقب الوزير (17) بينما كان اللقب في حكومة الصادق المهدي 1986 – 1989م قد بلغ 109 وزراء.
وحتى كتابة سبدرات لسفره في العام 2012 ، فقد بلغ عدد الذين استوزروا في نظام البشير 410، ليكون العدد الكلي قبل كتابة توثيق سبدرات 1175.
بعدها جاء في عام 2013 تعيين أول حكومة بعد الإطاحة برموز الصف الأول في المؤتمر الوطني، وضمت 11وزيراً جديداً واستمر فيها 7 آخرين ، مع تعيين 11 من وزراء الدولة الجدد وعقب انتخابات العام 2015 شكل الرئيس البشير حكومة جديدة، ضمت 31 وزيراً، و34 وزير دولة.
في عام 2017 انتهى مؤتمر الحوار الوطني وجاء ببكري حسن صالح رئيساً للوزراء وضمت حكومته 31 وزيراً و42 وزير دولة. وفي إبريل 2018 جرى في الحكومة تعديل شمل دخول 6 وزراء جديد و5 وزراء دولة
في سبتمبر من العام الماضي، أطيح ببكري حسن صالح وتم تعيين معتزموسى رئيساً للوزراء الذي عين 20 وزيراً و27 وزير دولة.
لم تستمر حكومة معتز سوى 5 أشهر حيث أقيلت في فبراير الماضي، عقب اندلاع الثورة السودانية ، فكان أن تم تعيين محمد طاهر إيلا خلفاً له، والذي بدوره اختار حكومة من 21 وزيراً و18 وزير دولة.
وبحسبة تقريبية فإن عدد وزراء السودان منذ الاستقلال وحتى الآن بلغ نحو 1500 وزير على المستوى الاتحادي.
(2)
مفارقات .. مفارقات .. مفارقات
*من مفارقات التشكيل الوزاري الحالي، أن الدكتور عبد الله حمدوك وفي منتصف سبتمبر من العام الماضي، اعتمده المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني وزيراً للمالية، لكنه وفي اللحظات الأخيرة اعتذر عن المنصب، ليأتي سبتمبر الحالي ليكون هو رئيس الوزراء الذي يعين الوزراء.
*من سبتمبر الماضي وحتى سبتمبر الحالي ، مرت على البلاد 4 حكومات بأربعة رؤساء وزراء ، ففي سبتمبر الماضي كانت حكومة بكري حسن صالح لا تزال تسيطر على مقاليد العمل التنفيذي لتخلفها حكومة رئيس الوزراء معتز موسى، ثم حكومة محمد طاهر إيلا الذي عين حكومته في شهر مارس الماضي ، وبعد 6 أشهر منها جاءت حكومة الدكتور عبد الله حمدوك
*تعد حكومة أيلا الأقصر عمراً في تاريخ السودان فقد عين أيلا في 23 فبراير وأتم تشكيل حكومته في 13 مارس وبعد نحو شهر فقط أطيح بكل نظام البشير في 11 إبريل الماضي.
*حكومة بكري حسن صالح التي أعلن عنها في مايو 2017 هي أوسع حكومة في تاريخ السودان من حيث العدد، فقد بلغت جملة وزرائها 73 وزيراً.
*حكومة حمدوك بـ 20 وزيراً فقط و6 وزراء دولة
منذ العام 2005 وحتى فبراير الماضي، سيكون تشكيل حكومة حمدوك هو أول تشكيل يغيب عنه اسم تابيتا بطرس شوكاي التي بدأت مسيرتها الاستوزارية بمنصب وزير الصحة وانتهت وزيرة دولة بوزارة التعليم العالي.
*عوض الجاز وأحمد بلال عثمان لازال كل منهما يحتفظ بلقب الوزير الأطول عمراً في الوزارة، الجاز بأكثر من 20 عاماً وبلال بنحوها ..
(3)
الداخلية تعود لرجال الشرطة
بتعيين اللواء شرطة، الطريفي إدريس وزيراً للداخلية، يعود رجال الشرطة لتولي وزارتهم التي حرموا منها لثلاث دورات متتالية، حيث تولاها مؤخراً كل من بشارة جمعة أرو وأحمد بلال عثمان وإبراهيم محمود، وكان آخر عهد لرجال الشرطة بالداخلية حينما عين الفريق شرطة حامد منان وزيراً لها في حكومة بكري حسن صالح، ويعد منان هو أول شرطي يتولى الوزارة في عهد الإنقاذ، حيث احتكرها رجال الجيش مثل فيصل علي أبوصالح، والزبير محمد صالح، وعبد الرحيم محمد حسين، والطيب إبراهيم محمد خير وعصمت عبد الرحمن، بينما تولاها من المدنيين أيضاً الزبير بشير طه وعبد الواحد يوسف.
ومن رجال الشرطة الذين شغلوا المنصب قبل الإنقاذ، كمال حسن أحمد، وعباس مدني وعباس أبوشامة وعلي يس.
(4)
“نواعم الوزارة” .. بكري أكبر عدداً وحمدوك أعلى نسبة
بتعيين 4 من الجنس الناعم في حكومة حمدوك وتوقع بتعيين وزيرة خامسة في الثروة الحيوانية تكون المرأة السودانية حققت أكبر نسبة مشاركة في حكومة واحدة،حيث بلغت النسبة 25 في المئة من عدد الوزارات العشرين.
لكن حكومة بكري حسن صالح في العام 2017 كان لها سبق تعيين أكبر عدد من النساء حيث أختار 9 نساء ،4 وزيرات،هن سمية أبوكشوة، آسيا محمد عبد الله، مشاعر الدولب وتهاني عبد الله، و5 وزيرات دولة، تابيتا بطرس، آمنة ضرار، فردوس عبد الرحمن، سمية أكد، تهاني تور الدبة.
تاريخ مشاركة المرأة السودانية في مجلس الوزراء بدأ كما هو معلوم بالدكتورة فاطمة عبد المحمود وزير للرعاية الاجتماعية في عهد نميري، وفي حكومة الصادق المهدي 1986-1989 عينت أيضاً وزيرة واحدة هي السيدة رشيدة إبراهيم عبد الكريم، وبعد انقلاب الإنقاذ كانت مريم سرالختم أول من عينت وزيرة دولة، ثم تلتها إحسان الغبشاوي وزيرة للصحة وأقنس لوكودو للعمل، ومن ثم بدأت تترى الوزارات على الجنس الناعم لتظهر أسماء مثل سامية أحمد محمد وأميرة الفاضل، وحليمة حسب الله وبدرية سليمان، وسمية أبوكشوة، وسعاد عبد الرازق وآن ايتو وانجلينا تينج وإشراقة سيد محمود، لكن لم تصل إحداهن لوزارة سيادية ليكون تعيين السفيرة أسماء عبد الله أمس، هو الأول من نوعه في وزارة سيادية، في وزارة الخارجية على وجه التحديد .
(5)
عزة عوض الكريم تحتفظ بالوزيرة الأصغر سناً
حينما تم تعيين المهندسة عزة عوض الكريم في العام 2011 سجلت نفسها كأصغر أنثى تتقلد منصب وزاري، عوض الكريم، عندما عينت في العام 2011 كان عمرها 31 عاماً، والآن تعد ولاء البوشي التي عينت وزيرة للشباب والرياضة هي الأصغر سناً بـ 33 عاماً .
(6)
إحداهن تزوجت وأخرى ترملت
زوج الوزيرة … من يلعب الدور؟
سيكون على، حسن محمد عثمان، الشاعر والفنان التشكيلي و3 آخرين من زمرة الرجال، أن يلعبوا منذ يوم أمس دور “زوج الوزيرة”.
الدور سبق أن لعبه جمال الدين عثمان مدير التليفزيون الأسبق، حينما عينت زوجته وداد يعقوب وزيراً للرعاية الاجتماعية، وعبد الرحمن إبراهيم المحامي زوج وزيرة التعليم العالي، سمية أبوكشوة، وهيثم بابكر، زوج سناء حمد، وجمال محمد الحسين زوج تهاني عبد الله عطية وزيرة الاتصالات السابقة.
هناك أزواج تمتعوا معاً بنعمة الوزارة أو المناصب الدستورية بصفة عامة، مثل الزبير أحمد الحسن وسعاد عبد الرازق، وبدرية سليمان والتي شغلت منصب وزير دولة بمجلس الوزراء بينما شغل زوجها محجوب عثمان منصب وزير ولائي بالشمالية، بينما شغلت الفريق سعاد الكارب منصب وزير دولة بوزارة الصحة ثم وزيرة للرعاية الاجتماعية بينما شغل زوجها الفريق فاروق حسن محمد نور منصب والي كسلا وفي نفس الوقت شغل ابنها المهندس أحمد فاروق منصب وزير الشؤون الهندسية
أما السفير الصادق الفقيه، فقد لعب دور زوج الوزيرة، حينما عينت زوجته أميرة الفاضل وزيراً للرعاية الاجتماعية.
إشراقة سيد محمود، لم تكن متزوجة حينما عينت لأول مرة وزيرة دولة بوزارة التعاون الدولي، لكنها اقترنت وهى في منصبها بالمحامي يوسف الهندي
أما سمية إدريس أكد، فقد توفى عنها زوجها أثناء توليها لمنصبها وزيرة دولة للصحة وحينما تم نقلها للتعاون الدولي لم تكمل عدتها بعد.
تلاحظ أن اثنتين من الوزيرات الحاليات غير متزوجات هما ولاء البوشي ولينا الشيخ، وليست هذه المرة الأولى فرشيدة عبد الكريم وسامية أحمد محمد وعزة عوض الكريم كن في ذات الحالة.
(7)
وزراء ورثوه آباءهم
لم يتجاوز مدني عباس مدني، العاشرة من عمره، في عام 1985 تاريخ تعيين والده الفريق شرطة عباس مدني وزيراً للداخلية، في الحكومة الانتقالية التي أعقبت سقوط نظام الرئيس نميري.
مدني وبعد 34 عاماً من قسم والده، سيؤدي القسم وزيراً للصناعة والتعدين في حكومة حمدوك، لينضم لمجموعة من الشخصيات التي ورثت آباءها في المنصب.
من أولئك منصور يوسف العجب الذي عمل من قبل وزير دولة بوزارة الخارجية وبعدها عين وزيراً للتجارة.
أما والده يوسف العجب، ناظر شمال الفونج، فقد كان أحد وزراء الدولة في حكومة عبد الله خليل.
أبوبكر يحيى الفضلي، ورث أيضاً الوزارة من والده يحيى الفضل (الدينمو)، حيث عمل الابن وزير مالية بالجزيرة ووزير دولة اتحادياً، بينما الأب يحيى الفضلي شغل منصب وزير المواصلات في حكومة الأزهري.
(8)
أكرم علي التوم … والده وزير وأمه بدرجة وزير
دكتور أكرم علي التوم الذي عين أمس وزيراً للصحة هو ابن وزير الزراعة الأسبق مع بدايات حكم نميري، علي التوم ، أكرم لا ينتسب في “العرق الوزاري ” لوالده، إنما أيضاً لوالدته حاجة كاشف بدري التي تعد واحدة من رائدات العمل النسوي، وعينت في العام 1980 في منصب رئيسة مجلس الرعاية الاجتماعية بدرجة وزير.
(9)
فصيل محمد صالح .. إقرار ذمة مبكر
اختار الأستاذ فيصل محمد صالح الذي تبوأ مقعد وزير الثقافة والإعلام، تقديم إقرار ذمة مبكر، حينما كتب منشوراً قبل أيام على صفحته في الفيسبوك موجهاً للأصدقاء وغير الأصدقاء أعلن فيه تغيير عربته القديمة بأخرى من ماركة أكسنت مضلع، واختتمه بالقول “هذا للعلم والتوثيق في حالة أي عكنبة أو شنكبة، هذا البوست موجود”.
صالح الذي تخرج في جامعة الأزهر الشريف وفي جامعة كارديف، أسعد خبر تعيينه القبيلة الصحفية التي احتفت بالخبر.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.