:: أكتوبر 2013، وفي سابقة لم تتكرر، امتثلت – برفقة المستشار القانوني السابق للصحيفة معتصم الأمير – أمام مولانا عبد الله أحمد عبد الله الرئيس السابق للمحكمة الدستورية، وذلك في الطلب الموجه ضدي من شعبة مستوردي الأدوية.. وكانت الشعبة قد طلبت من المحكمة الدستورية حظري من الكتابة، لرفضي تحرير أسعار الدواء.. وقبل الطلب بحظري، كانت الشعبة قد تقدمت بطعن للمحكمة الدستورية – ضد وزارة الصحة والمجلس القومي للأدوية والسموم – لتحرير أسعار الدواء، وكنت من الرافضين.. !!
:: كانت التهمة التي قدمتها شعبة الأدوية إلى المحكمة الدستورية حزمة أعمدة رافضة لتحرير أسعار الأدوية، وأخرى تكشف طلب تحرير الأسعار الذي تقدمت بها الشعبة للمحكمة الدستورية بحجة أن تحديد أسعار الأدوية يخالف الدستور وسياسة التحرير الاقتصادي. ولكن لم تكسب شعبة المستوردين قضيتها، ولم تحظرني المحكمة الدستورية عن النشر.. والأهم من كل هذا، أن المحكمة الدستورية لم توافق على طعن شعبة المستوردين، أي رفضت تحرير أسعار الأدوية.. وهكذا حكمت لصالح وزارة الصحة التي مثلت الحكومة في القضية..!!
:: ولكن المؤسف، بعد أربع سنوات من رفض المحكمة الدستورية، نجحت شعبة المستوردين في إقناع الحكومة برفع يدها عن أسعار الأدوية تحت مسمى آخر غير (تحرير الأسعار)، ولكن بذات القسوة.. (الأدوية التجارية)، أو هكذا اسم الدلع الذي تم به رفع الدعم عن الأدوية قبل ستة أشهر.. ومنذ رفع الدعم المسمى – في قوائم التصنيف – بالدواء التجاري، تتصاعد أسعار هذه الأدوية حسب تصاعد أسعار الدولار في (الأسواق السوداء).. هكذا تم تحرير أسعار الأدوية بالكامل، ولم ترفض وزارة الصحة كما فعلت قبل أربع سنوات حين طالبت به شعبة المستوردين.. وهذا التحرير الكامل ما رفضته المحكمة الدستورية قبل أربع سنوات، ولكن كان الرفض متسقاً مع الموقف الحكومي (آنذاك)..!!
:: واليوم، ماذا لو تقدمت جمعية حماية المستهلك أو غيرها بطعن للمحكمة الدستورية ضد الحكومة لإلغاء التصنيف الحكومي المسمى حالياً بالدواء التجاري، أي لإلغاء تحرير أسعار الأدوية؟ هل تعيد المحكمة الدستورية رفضها السابق – قبل أربع سنوات – بحيث تحكم لصالح جمعية حماية المستهلك وترفض التصنيف الحكومي المسمى بالدواء التجاري وتُلغي قرار تحرير أسعار الأدوية بذات الحسم والحزم، أم لكل زمان وحال أحكام؟ الله أعلم، لست أدري.. فلماذا لا تُبادر جمعية حماية المستهلك أو غيرها وتُقدِّم طعناً – للمحكمة الدستورية – ضد القرار الحكومي المُسمَّى بالدواء التجاري، أي ضد تحرير أسعار الأدوية.. ؟
:: فلتبادر جمعية المستهلك كما فعل بعض الأخيار بشعبة مستوردي الماشية.. نعم، لقد بادر بعض أبناء السودان الأخيار بشعبة مستوردي الماشية بتقديم طعن للمحكمة الدستورية ضد القرار الصادر من مجلس الوزراء – بالرقم 291 للعام 2008م – والذي سمح بتصدير إناث الأنعام.. فالأخيار قالوا للدستورية – في طعنهم – إن تصدير إناث الأنعام من المخاطر الاقتصادية التي قد تُجفِّف مراعي السودان في المستقبل القريب، وأن تصدير إناث الأنعام قبل تسجيل السلالات الوراثية يُعرِّض سلالات هذه الثروة القومية إلى مخاطر السرقة.. ولكن المحكمة الدستورية رفضت الطعن المُقدَّم من هؤلاء الأخيار، وحكمت لصالح تصدير إناث الأنعام، أي لصالح وزارة الثروة الحيوانية التي تمثل الحكومة في هذه القضية..!!
التعليقات مغلقة.