* مساعي شيطنة معتصمي القيادة مستمرة على قدمٍ وساقٍ، وصيحات من يدَّعون الحرص على مكارم الأخلاق تترى، تستهدف تخديش وجوه الشباب الثائر، بزعم أن الميدان يزخر بالمعاصي، ويزدحم بما يُشين من مظاهر التفسخ والتهتك وما حرَّم الله من الموبقات.
* حملة يتولى كِبرها بعض المشغولين بغيرهم، ممن يطيب لهم أن يشرعوا الأقلام الحمراء لتصحيح كراسات الآخرين، وهم في شغلٍ عن مناقصهم وسوءاتهم الذاتية.
* ينظرون إليهم بحنقٍ بلغ حد الاندغام وسط المعتصمين، لالتقاط صورٍ ومقاطع فيديو، يُراد بها إثبات أن هذا الجمع شيطاني، لا همَّ لمن يحتشدون فيه سوى احتساء الخمور، وتناول المخدرات، ومغازلة الحِسان، سعياً للرذيلة.
* من يعتصمون منذ السادس من أبريل المجيد بشرٌ تعدادهم بالملايين، يمثلون كل أطياف المجتمع السوداني، لكن غالبيتهم شباب بهر العالم، وفتن قنواته وصحفه ووكالات أنبائه بجرأته وجسارته وثباته على مبدئه، في مواجهة آلة القمع التي استهدفت وأد ثورته، ولجم حِراكه السلمي الذي يروم تغيير واقع البلاد إلى الأفضل.
* طبيعي أن يكون بينهم الصالح والطالح، وأن يسعى بينهم التقِي والشقِي، المُصلِّي والعاصي، المتدين والمتفسِّخ، لأنهم ببساطة أناس عاديون، وبشرٌ غير منزهين من الزلل، لم يهبطوا إلينا من السماء، كي يفترض فيهم الشانئون الحانقون التمتع بأخلاق الملائكة، الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
* هؤلاء المحتجون أتوا إلى الميدان من مجتمعٍ يزخر بالموبقات، مثلما يحتشد بالصالحات، وقد اجتهدوا لتقديم أبهى صورةٍ، وأبلغ مثال للسودان الذي انغرست بذرته الصالحة في نفوسهم الفتية، تراحماً وتكافلاً ومحبةً وموَّدة، بنصب الخيام لإطعام الطعام، وإعانة الجوعى والأيتام، وفتح العيادات الخيرية، وجلب الأدوية، لتوزيعها على المرضى بالمجان، وبذل المال للمعدمين بلا حواجز ولا مستندات (لو عندك خُت لو ما عندك شيل)، مثلما اجتهدوا في تزجية الوقت لتعليم بعض أطفال الشوارع مبادئ القراءة والكتابة.
* أما عن دينهم فقد ردت الصور والمقاطع على المشككين، عندما اصطفت جموعهم، لأداء الصلوات في جماعةٍ تعدادها الملايين غير مرة، وانصرفت فئات منهم لختم القرآن كل يوم، بعد توزيع المصاحف على الراغبين في تلاوة الذكر الحكيم.
* احتشد الميدان بالمتدينين، وقد أكدت الصور والمشاهد أنهم أغلبية، وكان طبيعياً أن يأتي معهم من شغلتهم الدنيا عن ذكر الله واتبعوا هواهم فصار أمرهم فُرُطا.
* أولئك يأتون في الساحة ذات ما تعودوا إتيانه خارجها، وذلك طبيعي، إذ لم تختص الدعوة إلى الاعتصام المتدينين وحدهم، بل بُذلت لكل أهل السودان فتنادوا لإجابتها، وفيهم المسيحيون ومن لا يقيمون للدين وزناً.
* لمن يزعمون أن فئة منهم تتناول (البنقو)، وتحتسي الخمور نقول لهم إن حاويات المخدرات التي حوت آلاف الأطنان من الحبوب المخدِّرة لم تُضبط في ميدان القيادة، ولم يستوردها المعتصمون، وإن شحنات الخمر التي ضبطتها الشرطة بملايين العبوات مراتٍ ومرات لم يُهربها المعتصمون.
* من يرمون الشباب بالتفسُّخ والانقياد وراء اللذات المحرَّمة، نذكِّرهم أن بقية شوارع العاصمة وأحياءها ليست المدينة الفاضلة، وما يستنكرون حدوثه في ساحة الاعتصام موجود خارجها وشائع وفاشٍ، فهل يجرؤون على إنكاره؟
* أموال البنوك لم تُسرق أمام القيادة، خطوط سودانير وبواخر (سودان لاين) وأصول مشروع الجزيرة والنقل الميكانيكي والنقل النهري لم يتم بيعها في ساحة الاعتصام.
* عقد بيع الميناء الجنوبي بصفقة (ذات السمسرة) لم يُوَّقع أمام بوابة البحرية، وخطابات الاعتماد المبذولة للمحاسيب لم تصدر من المحتجين، والجواز السوداني لم تتم إهانته ببيعه بالدولار للأجانب تحت نفق بري، وبيع أصول محطة كهرباء الفُولة بملاليم معدوداتٍ لم تُطبخ صفقته تحت كوبري الحديد، كما أن السطو على دولارات الدواء وعقود استيراد الجازولين والدقيق بفواتير مضخَّمة لم تتم في دار الأساتذة.
* إذا كان ما يزعمونه عن شباب الاعتصام صحيحاً فسيشكل زعمهم إشعار فشل، وشهادة إدانة لدولة (المشروع الحضاري).. لأن غالب المعتصمين وُلدوا في عهدها، وتربَّوا في حضنها، ولم يشهدوا حُكماً سواها.
* إن صحَّ ما رميتموهم به فتلك بضاعتكم رُدَّت إليكم، وقديماً قيل: (طبَّاخ السِم بضوقو)!
* لم يزعم هؤلاء أنهم احتشدوا أمام القيادة لتحقيق أغراضٍ تتصل بالدين، بل جاهروا برغبتهم في تشييد قواعد سودان الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة في الحقوق وإرساء أركان دولة القانون، فحاسبوهم بما خرجوا من أجله، ولا تنهكوا أنفسكم بشيطنتهم، ومحاولات تشويه سمعتهم، لأن ذلك لن يحدث.
* سفينة الإصلاح سارت.. لا تبالي (بالصياح).
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.