من كان يظن أن الرئيس الأسبق عمر البشير سيذهب للسجن حبيساً، يدخل في زنزانة ويكون مثله مثل بقية المساجين..؟
حتى آخر دقائق الحكم، لم يعرف البشير معنى الاستسلام، ولم تدر بخلده بوادر مراجعة أو “تنازل” عن السلطة، ولم يعتقد أن هناك من سيخونه..
بل إنه حتى أمس، مازال يحلل “المؤامرة” التي حيكت ضده، دون أن يجد وقتاً للمراجعة والمحاسبة.
لم يدرك مطلقاً، أن هناك هبة شعبية عريضة وقوية وعميقة لم تعد راغبة به وبحزبه، إنما كان يصدق كثيراً من الأكاذيب ويتمسك بأوهام وخيالات..
من يسمع نائب البشير في الحزب أحمد هارون، قبل 24 ساعة من الانقلاب المشهود يدرك أن السقوط كان لا بد أن يحدث، فإن كانت درجات التفكير متدنية لا بد للتغيير أن يحدث.
يتحدث هارون أن التغييرالمنشود من المستحيل أن يحدث، لأن عوامله غير متوفرة والمتمثلة بوجود تدافع ضخم ضد الحكومة والوطني، مستبعداً أن تكون هناك جهة يمكن أن تفاوض نيابةً عن الشارع..
بل إن المصيبة الكبرى أنه كان يتحدث عن “الذكاء” قائلاً “إن الكيان الشبحي المسمى بتجمع المهنيين لا يمتلك الذكاء الكافي، لأنه اعتقد أن اللحظة قد حانت”..!
كان هؤلاء، أو بعض منهم، يحكمون البلاد والعباد، وحتى آخر الساعات لا يدركون إلى أي دركٍ سحيق وصل حالهم، وتدهورت شعبيتهم، واقترب سقوطهم، ليس من السلطة فقط، إنما من الإنسانية.
اعتقد زعيم الحزب، أنه قدر على حكم ثلاثين عاماً ويزيد، دون أن تجد سنواته مقاومة أو رفضاً، وأن الحسم والضمان للبقاء في السلطة هو العنف وبعض المليشيات.
هناك في الزنزانة قد يسترجع البشير ذكريات من سجنوا في كوبر، تحديداً في تلك الغرفة العريضة مقارنةً مع البقية، حيث كانت القضايا معظمها بسببه أو بأوامر شخصية منه..
إن حب السلطة في أي مكان وزمان، يُعجل بالنهايات الحزينة والمؤسفة، ويُنهي أدوار البطولة..
لم يتعظ البشير لما حدث لمبارك وزين العابدين والقذافي وعلي عبد الله صالح، فقد كان يُبعد الاحتمال كما تبتعد السماء عن الأرض..
وإنه لمصير الأولين والآخرين، فمن هم على السلطة الآن، وإن استمروا فيها ولو ليومٍ واحد دون وجه حق، ستكون نهاياتهم تعيسة، يا لها من نهايات..!
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.