:: المؤسسات هي التي تنهض بالشعوب والأوطان، وليست مراكز القوى.. وما لم تُحل المؤسسات محل مراكز القوى – المسماة بالهيئات والمجالس والصناديق – فلن تصلح حكومة طاهر إيلا ما أفسدته الحكومات السابقة.. وليت رئيس الوزراء يبدأ إصلاح الجهاز التنفيذي للدولة (من هنا)، أي بالتخلص من (الكيانات الهلامية) التي تعربد خارج إطار مؤسسية الدولة، وما أكثرها.. هيئات ومجالس وصناديق وكيانات كثيرة و(غير مفيدة)، مراد بها ترسيخ نهج التمكين، وهي التي أفسدت مؤسسية الدولة وأجهزتها التنفيذية..!!
:: قبل عهد التمكين، إدارات صغيرة – في وزارات الدولة – هي التي كانت تصنع المعجزات بلا صخب.. نعم، قبل أن يأتي القدر بزمان فيه يتم تفصيل الهيئات والمجالس والصناديق حسب مقاسات أطماع النافذين ومراكز القوى، وليس حسب حاجة الناس والبلد.. وعلى سبيل المثال، لقد تظلم وزراء التجارة كثيرا، وكانوا يشكون التهميش لطوب الأرض، وقال أحدهم في ذات شكوى: (وزارتي شلعوها). !!
:: وكانت تلك إشارة واضحة إلى أن سيادته وزير بلا سلطات وأن وزارته محض جدران بلا جدوى، وذلك بعد أن تسربت من كل المؤسسات والسلطات ذات الصلة بحركة التجارة الخارجية إلى (خارج الوزراة).. وما أكثر النماذج، لوزارات لم تعد ذات جدوى منذ تجريد إداراتها من السلطات واستبدالها بكيانات التمكين.. والشاهد، كما لحكومة الحزب الذي كان حاكما عبقرية في تشليع الوزارات وتجريدها من السلطات، فلها أيضاً عبقرية في صناعة المصطلحات المراد بها تمكين الفيالق الفاشلة في مفاصل الأجهزة والخدمة المدنية..!!
:: فالحكومة الرشيقة ليست هي التي تكتفي فقط بوزارات محدودة، أو كما يظن البعض، بل هي التي تُملك الوزارات كامل سلطاتها، بحيث لا يتغول على سلطاتها أي كيان هلامي يديره نافذ أو مركز قوى.. وعلى سبيل المثال، إدارة صغيرة بالهيئة العامة للطيران المدني هي التي شيدت كل مطارات البلد بلا ضوضاء أو تبديد للمال العام.. ثم إدارة صغيرة بوزارة الري هي التي كانت تشيد السدود والخزانات بلا ضوضاء وإهدار المال العام، وليست البدعة المسماة (وحدة السدود)، والتي كانت (دولة داخل دولة).. !
:: ثم إدارة صغيرة جداً بوزارة الإسكان هي التي كانت تؤدي مهام التخطيط والإشراف على مساكن الناس ومدائنها، وليس البدعة المسماة (صندوق الإسكان).. وهكذا.. قبل قبح التمكين، كان الحال العام في بلادنا يمضي بسلاسة ورشاقة عبر مؤسسية أجهزة الدولة الرسمية ومؤسساتها المعترف بها دستورياً و(منطقياً).. نعم، كان الحال العام مؤسسيا وراسخا، قبل زمان تفصيل الكيانات وفق مقاسات الفاشلين.. !!
:: وعليه، حفاظا لما تبقى من المال العام، ومنعا لتقاطع السلطات وما فيها صراعات (عامة وخاصة)، نناشد رئيس الوزراء بحل كل الأجسام الهلامية التي نبتت بغرض التمكين، والتي أصبحت جراثيم في جسد مؤسسية الدولة، ثم إعادة الهيبة والسطوة والقوة لوزارات الدولة وإداراتها.. شيوخ التمكين لا يعلمون بأن الدول الناهضة تشكلها حزم المؤسسات، ولو علموا لارتقوا بالناس والبلد إلى عوالم المؤسسية، بدلاً عن اختزال المؤسسية في مراكز قوى (فاشلة وفاسدة)..!!
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.