* المواقف المبدئية تتحدث عن نفسها بأبلغ لسان، والمواقف المبنية على المصالح الخاصة، والحسابات الشخصية لا تصمد في مواجهة رياح النقد، سيما عندما تنعقد المقارنة بين هذا وذاك، وتفصح الكلمات عن عِظم الفارق، بين الشخصي والعام.
* عندما اقتحمت قوات الأمن مستشفى أم درمان، لمطاردة محتجين احتموا بقسم الطوارئ، وأطلقت الغاز المسيل للدموع داخله، اقتصر رد فعل الدكتور مأمون حميدة، وزير الصحة بولاية الخرطوم على بيانٍ مقتضبٍ، أصدرته وزارته، ووصفت فيه الأمر بأنه (غير مقبول)، ودعت فيه إلى فتح تحقيق مع الجهات المعنية (من دون تحديدها)، وأكدت اتصال الوزير بقيادات الأمن والشرطة لإخلاء الأفراد النظاميين من المستشفى، وإحضار قوات من الشرطة لحراستها.
* عندما تكرر ذات الفعل، مع جامعة العلوم الطبية، المعروفة باسم (مأمون حميدة)، باقتحام قوات الأمن لها، واعتقال بعض طلابها، أصدر حميدة بياناً مطولاً، لم يكتف بتوزيعه مكتوباً على الصحف وبقية وسائل الإعلام، ومنصات التواصل الاجتماعي فحسب، بل أعقبه بتسجيلٍ مصورٍ، تلا فيه البيان الساخن بنفسه، ثم أعقبه بزيارة الطلاب المصابين في منازلهم، للتخفيف عليهم، والاطمئنان على صحتهم، والتأمين على مؤازرته لهم.
* المقارنة الموجعة تتبدَّى أكثر في التعبيرات والأوصاف التي استخدمت هنا وهناك، إذ أتى البيان الأول خفيف اللهجة، لطيف العبارة، ليِّن القول، واقتصر على وصف اقتحام أكبر مستشفيات الولاية (والسودان) بأنه (غير مقبول)، مع مطالبةٍ خجولةٍ بالتحقيق، بخلاف البيان الثاني، الذي ازدرحم بأشد عبارات الإدانة والرفض والاستنكار.
* ورد في بيان اقتحام الجامعة على لسان حميدة ما يلي: (أعلن أسفي وشجبى لما حدث من اقتحام رجال الأمن للحرم الجامعي، ومطاردة المتظاهرين بصورةٍ همجيةٍ، وتعرض ممتلكات الجامعة للخراب والتكسير بصورةٍ غير مقبولةٍ، وقد حدثت مظاهرتان قبل مظاهرة الأحد، واستطاعت الجامعة بحكمة إدارتها أن تحفظ الطلاب داخل الجامعة، حتى لا يتعرضوا للمناوشة مع رجال الأمن، ورغم أن الأساتذة بمن فيهم نائب رئيس الجامعة ووكيل الجامعة كانوا داخل مظاهرة الطلاب يوم الأحد في محاولة لإحتوائها داخل مباني الجامعة، حفاظاً على أرواح الطلاب، إلا أنه، وبحماس الشباب كسر الطلاب البوابة الجنوبية للجامعة للخروج للشارع، مما سمح لرجال الأمن الدخول والقيام بهذا التكسير، وإهانة الطلاب والطالبات والأساتذة وضربهم، مما نأسف له وندينه بأقوى الكلمات، ولحظتها أصدرتُ بيان الإدانة، وطالبت الجهات المختصة بالتحقيق العاجل، ومحاسبة الذين قاموا بهذه الأفعال والشتائم، التى لا تشبه الأخلاق السودانية).
* تأملوا الفارق بين هذا وذاك.
* هنا إدانة مخففة، وعبارات ملطفة، وهناك غضب واضح، وحنق ظاهر، بإدانة مشددة، تتحدث عن (فوضى وهجمية وتكسير وضرب وإهانة وأسف وإدانة بأقوى الكلمات لأفعال وشتائم لا تشبه الأخلاق السودانية، ومطالبة بتحقيق عاجل).
* أيهما أولى بالاستنكار والتشدد في الإدانة بالبيانات، اقتحام جامعةٍ تزخر بالشباب، أم إطلاق البمبان في قسم طوارئ يحوي مرضى بالأزمة الصدرية والقلب؟
* لن نسأل عما إذا كان حميدة قد بادر بزيارة المرضى في المستشفى، أو عادهم في دورهم، للاطمئنان على سلامتهم، مثلما فعل مع طلاب جامعته الخاصة، لأن الإجابة معلومة للكافة.
* وضح من البيانين أن حميدة موجوع لاقتحام الجامعة، وحانق على تحطيم أجهزتها ومرافقها أكثر من وجعه وحنقه على اقتحام المستشفى وإطلاق البمبان فيها، بما يهدد حياة مرضاها!
* المثير للسخرية أن بيان اقتحام الجامعة حفل بلهجةٍ إعلانيةٍ، مجَّد بها الوزير المستثمر جامعته، وأوسعها تعظيماً وتفخيماً، عندما وصفها بأنها تمثل (أكثر جامعات السودان تطوراً واستقراراً وعالمية، وأكثرها بلا منازع انضباطاً ومراعاةً لحقوق الطلاب والأساتذة بلا تمييزٍ عُنصريٍ أو عقائديٍ، بصِرحٍ خرج من نطاق المحلية إلى العالمية).
* بيان بروف حميدة حول اقتحام الجامعة ذكرنا قصة الإعلان الشهيرة: (الخواجة كوهين.. ينعي ولده ويِصلِّح ساعات)!
عاجل
- رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن فوز ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية
- الجيش يبسط سيطرته على الدندر
- استشهاد قائد منطقة البطانة العميد أحمد شاع الدين
- البرهان يتفقد المواطنيين بمدينة أمدرمان
- طيران الجيش يقصف مواقع تجمعات قوات الدعم السريع شرق الفاشر
- السودان.. إسقاط مسيرات في مدينة كوستي
- السودان.. حرق برج الاتصالات في الخرطوم
- حميدتي يقيل مستشاره يوسف عزّت
- الجيش يصدّ هجومًا للدعم السريع على مدينة سنار
- السودان..إسقاط مسيرات في كوستي
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.