(1)
كان معارضاً شرساً في الخارج ثم صالح مع المصالحين واستوزر قابلته صدفة فقابلني بأحضان دافئة رغم أنه كان أول وآخر لقاء بيننا، فقال لي عندما كنا في الخارج في مطلع تسعينيات القرن الماضي كنا ننتظر القادمين من السودان الذين يحملون لنا مقالاتكم لأننا نجد فيها نقداً وتفصيلاً دقيقاً للحياة اليومية في السودان. فالتقارير التي كانت تصلنا من حزبنا في الداخل كانت أحادية النظرة، فقلت ليه بماذا كنتم تصنفونا ؟ أجاب بدون تردد كنا نصنفكم بأنكم موالين للنظام وأنكم تمثلون دور المعارض فيما تكتبون لامتصاص التذمر، فقلت له يعني مثل دريد لحام مع حافظ الأسد ؟ اها والآن بعد أن جئتم وأصبحتم وزراء ؟ أجاب الغريبة وجدنا ناس الحكومة أنفسهم يشكون منكم مر الشكوى لكنهم لا يصنفونكم سياسياً . قلت ياسيدي نحن سياسيون حتى النخاع ولسنا محايدين في شأن الوطن ولكننا لسنا منظمين سياسياً لا بل حتى المنظمين منا في تقديري عندما يمسك الواحد منهم القلم ويكتب كصحفي يكون ولاؤه لهذا القلم مثله مثل القاضي والطبيب والزراعي وكل الذي يؤدي مهنته بعيداً عن هواه السياسي, نحن نقول كلمتنا فإذا وجدت الحكومة ما يمكن أن يفيدها فالتأخذه وإذا وجدت المعارضة فيه ما يقوي حجتها فالتأخذ به فالكلام عندما يطلق في الهواء الطلق يصبح ملكاً عاماً.
(2)
ثمة ملاحظة مهمة وهي إن كل الذين امتهنوا مهنة الصحافة في السودان قبل يونيو 1989 وأدركتهم الإنقاذ سودت أقلامهم الصحافة التي تصدر في الخرطوم وبموجب الدستور والقوانين الإنقاذية في فترة من الفترات وليس فيهم أبوعركي البخيت وتكفي هنا شهادة الأستاذ محمد إبراهيم نقد التي قال فيها إن ما فعلته صحافة الخرطوم من تعرية للأوضاع لم تفعله الأحزاب السياسية ولا أي جهة أخرى وأذكر أنني قلت له يا أستاذ نحن نقوم لأننا إصلاحيون ولسنا ثواراً مثلكم، فرد بطرفته المعهودة ياخي إنت ما قلت كلمتك بعداك البشيلها يتغطى بيها ولا يعرى بيها على كيفه, وعليه تصبح صحافة الخرطوم في الثلاثين سنة الأخيرة جزءاً لايتجزأ من مسيرة الصحافة السودانية التي تعدت القرن من الزمان وهذه ليس منة من الإنقاذ إنما لقوة ذاتية في مطلق الصحافة ففي زمن نميري وقبله عبود لا بل في كل النظم الاتوقراطية الإقليمية لم يكن هناك تدجيناً كاملاً للصحافة المكتوبة فالنظام قد يسيطر على التليفزيون وعلى الإذاعة وكافة المؤسسات الإعلامية لكن الكلمة المكتوبة لها سرها الذي تكسر به القيد والآن جاءت السوشال ميديا فـ(طمبجت) الحكاية وهي امتداد وتطور للصحافة المكتوبة.
(3)
مناسبة كل هذا الذي تقدم هو لقاء السيد رئيس الجمهورية بالسادة رؤساء التحرير وبعض الكتاب والذي تابعته من خلال الصحافة والسوشال ميديا إذ استغرب كثيرون للكلام (الحار) الذي قاله بعض الزملاء للسيد رئيس الجمهورية ولكن لو كان هناك انصاف لوجد المستغربون أن ما قاله هؤلاء الأساتذة هو ما ظلوا يكتبونه في صحفهم يومياً ولنأخذ مثالاً واحداً لذلك فالأخ الأستاذ ضياء الدين بلال رئيس تحرير هذه الصحيفة قال في ذلك اللقاء إنه يعتبر الحديث عن انتخابات 2020 عملاً انصرافياً، فالبلد في محنة وليست مشكلتها في الاستحقاق الدستوري السياسي فترتيب الأولويات يقتضي الانصراف للخروج من الأزمة الخانقة، ثم وصل كلام ضياء قمة التصويب عندما قال للسيد رئيس الجمهورية (يجب أن تكون قائداً لعملية التغيير وليس هدفاً للتغيير). أقسم بالله العظيم إن هذه العبارة إذا فككناها بوعي سوف تعطي فترة انتقالية كاملة الدسم, فترة انتقالية تخرج البلاد من وهدتها, فترة انتقالية يغني عليها سرور ,, الله عليك يا ابو الضو.
عاجل
- رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن فوز ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية
- الجيش يبسط سيطرته على الدندر
- استشهاد قائد منطقة البطانة العميد أحمد شاع الدين
- البرهان يتفقد المواطنيين بمدينة أمدرمان
- طيران الجيش يقصف مواقع تجمعات قوات الدعم السريع شرق الفاشر
- السودان.. إسقاط مسيرات في مدينة كوستي
- السودان.. حرق برج الاتصالات في الخرطوم
- حميدتي يقيل مستشاره يوسف عزّت
- الجيش يصدّ هجومًا للدعم السريع على مدينة سنار
- السودان..إسقاط مسيرات في كوستي
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.