:: ومن الأخبار المملة، وما أكثرها في بلادنا، تم تخصيص نسبة (10%) من عائد الصادر لاستيراد الأدوية بواسطة الشركات .. كما تم الاتفاق على إنشاء آلية تشرف على مراحل تنفيذ القرار برئاسة وزير الدولة بوزارة الصحة وعضوية محافظ بنك السودان المركزى والامين العام للمجلس القومي للأدوية والسموم وممثل اتحاد المصارف السودانى ورئيس شعبة مستوردي الأدوية وممثل للغرفة التجارية..!!
:: لاجديد، فالقرار بمثابة تكرار لتجربة سابقة، ولم تستمر عاماً .. ومن أسباب فشل التجربة ، تلك الآلية الإشرافية.. ربما تذكرون بعض تفاصيل أيام زمان ، ومنها تقسيم تلاميذ الفصل إلى جماعات ثم يُسلم كل جماعة نسخة من خريطة القرية.. وبالخريطة كل معالم القرية المسارات التي يجب أن تسلكها الجماعة، وكان لكل جماعة قائد و مسار يختلف عن مسارات الجماعات الأخرى..وكان المطلوب يومئذ هو وصول التلاميذ عبر جماعاتهم إلى أمكنة بها (حلوى مخبوءة)، ثم العودة إلى المدرسة – بالحلوى – سريعاً.. ولأن العثور على الحلوى – بواسطة خرائط القرية – لم يكن سهلاً، كنا نفرح بالإنجاز، ثم ننال الجائزة الكبرى..!!
:: و لكن اليوم، بعد تخريب المناهج وطرائق التعليم والاستيعاب، لم تعد للحلوى المخبوءة مكاناً في جدول الحصص..ولكن تم نقل التعليم والاستيعاب عن طريق الحلوى المخبوءة من مدارس زمان إلى عالم الأدوية وشركاتها في التجربة السابقة الفاشلة ..عندما تم تخصيص 10% من عائد الصادر لاستيراد ا
لأدوية، تساجل بنك السودان مع شركات الأدوية حول توفير العملة الأجنبية المراد بها استيراد الدواء..!!
:: فالبنك كان يؤكد توفيره للعملة الأجنبية من عائد الصادر ( 10% )، ولكن الشركات ظلت تنفي وتحملكم مسؤولية غلاء أسعار الأدوية.. وأمام هذا السجال ، كان لزاماً علينا البحث لمعرفة ما يحدث في هذا الأمر.. لم يكن البنك كاذباً بتأكيده على توفير الدولار، و ربما نسبة عائد الصادر – 10% – تكفي وتزيد عن حاجة ميزانية الدواء ..وكذلك لم تكذب بعض الشركات التي كانت تسكي : (ما في دولار).. أي كلاكما على صدق (نفياً و تأكيداً).. كيف؟..حسناً..يجب التوضيح، بحيث لا يتكرر الفشل ..!!
:: بقرار تخصيص نسبة من عائد الصادر لصالح الأدوية (10%)، نجح بنك السودان في توفير دولار الأدوية ببعض المصارف التجارية آنذاك .. وهي المصارف الناشطة في مجال الصادر.. وبخزائن تلك المصارف – وهي محدودة- كان يقبع دولار الأدوية.. ولكن وصول شركات الأدوية إلى خزائن تلك المصارف التي تحتفظ بدولار الأدوية كان بحاجة إلى خرائط كتلك التي كنا نبحث بها عن الحلوى، ثم نجدها أو لا نجدها.. !!
:: فالمصارف لا تتعامل في الاستيراد والتصدير إلا مع عملائها، ولذلك تمنح الدولار المخصص للدواء فقط للشركة التي تتعامل معها قبل صدور قرار ال (10%)، وترفض للشركات (غير العميلة)..أي (إنت وحظك)، لو كنت عميلاً للمصرف الناشط في مجال الصادر تحظى بالدولار الحكومي، وإن لم تكن عميلاً تشتري الدولار من (السوق الأسود)..وهذا لم يكن عدلاً ولا حلا للأزمة ..فالعدل كان يقتضي جمع نسبة عائد الصادر – ال 10% – من المصارف في محفظة بالبنك المركزي – أو بأي بنك يختاره البنك المركزي – ثم توزيعها للشركات حسب الأصناف الدوائية المطلوب إستيرادها..!!
:: وعليه، بدلا عن إعادة إنتاج ذاك السجال ( الما مفيد)، تعلموا من التجربة الفاشلة السابقة، وكافحوا المافيا وأحفظوا للبلاد بعض أموالها المهدرة، بتوظيف هذه النسبة كما يجب ..ميزانية الأدوية لا تذهب للأدوية، بل للكريمات – المحتلة تلاتة أرباع مساحة أي صيدلية – ولأغراض تجارية منها البيع في الأسواق السوداء .. وبدلا عن جيش لجنة الإشراف المذكور أعلاه، فإن لجنة صيادلة مهنية تُشكلها وزارة الصحة، ولا تكون فيها لشعبة الشركات تمثيلاً فيها، هي السلطة الرقابية المناسبة لتحديد الأصناف الدوائية المطلوب إستيرداها، ثم تحديد شركاتها وإعتماد فواتيرها عبر مجلس الأدوية..وإرسال صورة من الفواتير المعتمدة إلى منافذ الجمارك لتأكيد التطابق من (البديهيات).. سد منافذ الفساد أسهل مما تتخيلون، ما لم يكن قد (فات الأوان )..!!
التعليقات مغلقة.