في التعليق على حديثنا حول المخارج السياسية كخيار حتمي ونقطة نهائية ستصل اليها الساحة في نهاية موجة الإحتجاجات حال استمرت، استقبلت الكثير من التساؤلات حول كيفية الوصول الى هذه النقطة وهذه المرحلة ، مرحلة الإنتقال للخيارات السياسية في ظل موقف واضح من الحكومة بأن الموعد الدستوري مع الجماهير بعد عام من الآن و( الحشاش يملا شبكتو ) من الإستحقاق الإنتخابي وفي مقابل ذلك ورقة إحتجاجية مكتوب عليها جملة قصيرة جداً هي ( تسقط بس ) .
السؤال فعلاً سؤال موضوعي ، هل ستثق القوى الإحتجاجية في مبادرة جديدة تطرحها الحكومة أو المؤتمر الوطني للدعوة للتفاهم السياسي ووقف الاحتجاجات .. وهل الحكومة لديها الإستعداد لطرح هذه المبادرة من تلقاء نفسها .
وبالمقابل هل قوى الإحتجاج وفي حالتها الثورية التي تعيشها يمكن ان تبادر هي بذلك ؟
الواقع يقول إن تواضع الطرفين للقبول بحوار حول الخيارات السياسية لا يتم في هذه الظروف إلا بتدخل طرف ثالث يحظى بثقة الطرفين والأنسب أن يكون هذا الطرف خارجي وموثوق النوايا ليقوم بإطلاق مثل هذه المبادرة السياسية واحتضان مشروع التسوية السياسية .
صحيح أن تجمع المهنيين الذي يقود هذه الإحتجاجات هو كيان غير معروف ولايعرف أحد الكثير عن هذا الكيان السري الذي يدير الإحتجاجات برغم ظهور عدد محدود من العناصر التي تتحدث باسم كيان المهنيين والأخرى التي تقول إنها لديها نوع من التنسيق مع هذا الجسم السياسي المعارض ، لكن خروج قيادات وممثلين لتجمع المهنيين في لحظة تفاوض خارجي أو حتى داخلي بضمانات أطراف محايدة أمر ممكن .
كما أن الحكومة يجب أن تقبل بمثل هذا الطرح وتتعاطى بإيجابية مع مثل تلك المبادرات وتعترف بهذه القوى الإحتجاجية وقضيتها وتدير معها حواراً حقيقياً يجلس على طاولته ممثلون لهؤلاء الشباب بجانب القيادات السياسية وقادة الإحتجاج .. يطرح الشباب قضاياهم بأنفسهم خاصة وأنهم غير معترفين وغير واثقين في القوى المعارضة .
ونقول لحاملي شعار ( تسقط بس ) وبقراءة واقعية للمشهد الإحتجاجي أن هذه المرحلة هي مرحلة ذروة الحراك والتي تتيح لهم أنسب الفرص للحوار الإيجابي من موقف جيد وطرح رؤاهم وتحقيق الكثير من المطالب العادلة لان المرحلة التي تعقب الذروة هي مرحلة العودة وتراجع هذا الحراك وضعفه شيئاً فشيئاً .
هي لحظة الذروة لأن الواقع يقول حتى لو لم يكن ( نَفَسْ ) التظاهرات قصير فإن السيطرة على سلميتها بحسب ما نراه من بداية التفاعلات السلبية بين المتظاهرين والسلطات مع وجود مصلحة لأطراف أخرى في تضييع هذه السلمية سيجعل المهمة صعبة ومستحيلة أمام من يتمسكون بسلمية هذه التظاهرات وبالتالي من المفيد للبلد على مستوى سلامتها وأمنها واستقرارها ومن المفيد لقضايا الإحتجاج المطروحة نفسها وشعاراتها بما فيها الشعارات السياسية أن يستثمر هؤلاء الشباب فرصة بلوغ هذه الذروة وترجمتها بشكل إيجابي ، أما الإصرار على المضي في مسار الإحتجاجات بلا رؤية محددة ومضمونة لنهاية الطريق يعني تبديد الفرصة المتوفرة الآن لتفعيل الخيارات السياسية التي تؤمِّن الطريق للمشاركة بفعالية في صنع المستقبل السياسي لهذا البلد بعد زوال الهواجس حول ضمانات إقامة إنتخابات موثوقة النزاهة وعادلة الفرص تتيح فرصة التنافس المتساوية أمام الجميع .
التعليقات مغلقة.