باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

محمد لطيف: فساد جديد.. وهل خرج الناس إلا لمثل هذا؟

1٬745


ايها المصدرون :
عليكم بحصائلكم حتى لا ينهبها الفاسدون !
بقلم : محمد لطيف
فى عام ٢٠١٦ اعلن البنك المركزى حصر ٣٢ شركة قيل انها شركات وهمية استغلت نحو ٢٣٠ مليون دولار خصصتها الحكومة من عائد الصادرات غير البترولية لتمويل الدواء .. ثم بدأت تحقيقات النيابة واعلن وزير العدل الاسبق يومها مولانا الدكتور عوض الحسن النور ان مسئولين فى البنك المركزى ومسئولين ايضا فى مصارف تجارية متورطون فى ذلك الفساد البائن .. ولم يكن وزير العدل فى حاجة لذلك القول .. فلولا عون من بنوك تجارية وصمت من بنك السودان ما كان لتلك الشركات ان تضع يدها على تلك الاموال الطائلة ..!
المفارقة ان تلك القضية التى اصبحت قضية الرأى العام الاولى يوم ظهورها .. لم يجد فيها الرأى العام .. حتى يوم الناس هذا .. اجابات شافية على كل الاسئلة التى اثارها ذلك الاعتداء السافر والاثم على المال العام .. بل وبعد مرور عامين وفى اكتوبر الماضى فوجىء هذا الرأى العام بان محكمة جنايات الخرطوم قد اعادت ملف القضية الى رئيس الجهاز القضائى ليحيله الى محكمة الفساد للبت فيه ..!!
وفى رأى عدد من القانونيين انه كان من الاوفق والاصوب ان تمضي المحكمة فى النظر فى القضية .. خاصة بعد ان قطعت الاجراءات شوطا طويلا .. طال معه انتظار الناس .. لمعرفة هؤلاء الفاسدين .. وقبل ذلك معرفة مصير اموالهم ..!
ولكن .. ومالنا والملف القديم وها هو بنك السودان المركزى .. الذى ينتظره الناس لتقديم حلول للازمة النقدية الخانقة .. يأبى الا ان يقدم لنا مشروع فساد جديد ..!
رجاءا .. لا تتعجل .. و إقرأ هذا جيدا .. ثم تمعن فيه جيدا .. قبل ان نعود لتحليله وتمحيصه .. ( تخصيص 10% من حصائل الصادرات لاستيراد الأدوية بواسطة الشركات .. انعقد ظهر اليوم بمبانى بنك السودان المركزى بالمقرن اجتماع برئاسة محافظ بنك السودان المركزى د. محمد خير الزبير ، ووزير الدولة بوزارة الصحة الفريق د. سعاد الكارب ، وذلك بحضور مديرى عموم المصارف التجارية ، ورئيس اتحاد المصارف السودانى ، والسيد/ الامين العام للمجلس القومي للادوية والسموم ، ورئيس شعبة مستوردي الأدوية ، ورئيس شعبة مصنعى الأدوية ، وممثل الأمن الاقتصادى للتشاور حول توفير النقد الأجنبي لاستيراد الأدوية بواسطة شركات استيراد الأدوية.وقد تم الاتفاق على تخصيص 10%من حصائل الصادرات لدى المصارف التجارية لاستيراد الأدوية بواسطة الشركات المستوردة .. كما تم الاتفاق على إنشاء آلية للإشراف على جميع مراحل تنفيذ القرار برئاسة وزير الدولة بوزارة الصحة وعضوية محافظ بنك السودان المركزى والامين العام للمجلس القومي للأدوية والسموم وممثل اتحاد المصارف السودانى ورئيس شعبة مستوردي الأدوية وممثل للغرفة التجارية) ..!
اى ان البنك المركزى وكل قطاع الدواء وعلى رأسه معالى الفريق الكارب وزيرة الدولة للصحة قد اجتمعوا وناقشوا وقرروا ان افضل طريقة لتوفير الدواء .. هو العودة لطريق الفساد القديم .. والادهى من ذلك ان رتبة الفريق التى تحملها وزيرة الدولة .. وهى رتبة رفيعة ولا شك .. تكشف ان لحاملها بعض الحس الامنى .. ولكن يبدو ان رتبتها لم تسعفها بحس امنى يقول لها .. لا داعى لمزيد من الاستفزاز لهذا المواطن المغلوب على امره .. و الذى خرج الى الشارع لعجزه عن الحصول على الدواء .. ثم لاحساسه بالقهر ان الدولة التى قالت له قبل ثلاثة اعوام ان المال الذى خصصناه لدوائك قد نهبه فاسدون .. ثم لم تنصفه باسترداد حقه المسلوب ولا بمعاقبة من سلبوه .. والاسوأ من هذا ان وزيرة الدولة .. عديمة الحس الامنى .. ومن ورائها البنك المركزى ومجلس السموم يتعمدون فتح الجرح القديم لا لتنظيفه بل لفتح (كوريدور ) جديد ينسرب منه الفساد .. و يتسرب منه المال العام مرة اخرى ..!
ولا تقل لى هذا محض تشاؤم .. وحكم مسبق .. كلا بل هو استنتاج موضوعى يتسق تماما مع الوقائع .. فالشركات الفاسدة لا تزال فى حفظ الدولة ورعايتها .. والمؤسسات الضالعة .. لا زالت تعمل ولم نسمع بكنس فيها او تنظيف او حتى مراجعة للوائح والاداء فيها .. والموظفون الفاسدون .. الذين تحدث عنهم وزير العدل الاسبق .. لم نسمع ان احدا منهم قد طالته يد العدالة .. و الحال كذلك فكأنى بالخبر يصب زيتا على النار المشتعلة اصلا ..!
ليس هذا فحسب .. فالمصدرون الذين اقتطعت الدولة من اموالهم ما يقارب ربع المليار دولار ثم ذهبت لخزائن الفاسدين ولم يحصل منها المواطن على حبة بندول .. يصبح من حقهم الان ان يرفضوا القرار الجديد .. ان من حق المصدرين ومن ورائهم كل اصحاب الحقوق الاصيلة من المتضررين من التجربة السابقة بل وحتى المسئولين فى هذه الدولة فى اعلى مستوياتهم .. ان يتوقفوا عند هذا القرار الكارثى .. بل وعلى القادرين التدخل لابطاله فورا ..!
وثمة اسئلة اخرى فى هذا القرار .. تثير اسئلة اخرى بل وشكوك ..! فكيف يستقيم ان يكون محافظ البنك المركزى عضوا فى لجنة يرأسها وزير دولة . . لم يمنحه الدستور اختصاصات او مهام حتى فى وظيفته الاصيلة .. ؟ فقد قال الخبر ان اللجنة التى ترأسها وزيرة الدولة بالصحة تضم فى عضويتها محافظ البنك المركزى .. ثم واذا كان اختصاص هذه اللجنة اصلا هى العمل فى مجال تنظيم وادارة وتخصيص النقد الاجنبي .. فما هى اهلية وزارة الصحة فى قيادة مثل هذا العمل .. وما هو اختصاص وتخصص وزيرة الدولة وفريقها فى هذا الامر .. ان كل ما يتصل بالنقد الاجنبي ينبغي ان يكون مسئولا عنه البنك المركزى فقط لا اية جهة غيره .. فان عجز القائمون على امره عن ذلك فليذهبوا ..!
نكتفي بهذا .. وما زال هناك الكثير الذى يمكن ان يقال حول تقاطعات المصالح ..و تضاربها ..!

التعليقات مغلقة.

error: