الخرطوم:باج نيوز
أطلقت الحكومة السودانية وعوداً بقرب استقرار عملتها (الجنيه) أمام العملات الأجنبية، وسط تشكيك من جانب خبراء اقتصاديين، ومطالبات بإصلاح اقتصادي حقيقي.
وفي يناير الماضي توقع رئيس مجلس الوزراء السوداني ووزير المالية معتز موسى، انخفاض أسعار الدولار قريباً بصورة واضحة أمام الجنيه.
وقال موسى في مؤتمر صحفي، إن الحكومة السودانية دخلت في اتفاقيات – لم يعلن عن تفاصيلها- ستساهم في انخفاض أسعار الدولار.
محافظ البنك المركزي السوداني محمد خير الزبير، وعد مؤخراً بحدوث استقرار في سعر صرف الجنيه أمام الدولار، من خلال موارد جديدة ستدخل خزينة البلاد خلال العام الجاري، تشمل رسوم نقل وتصدير نفط الجنوب عبر الأراضي السودانية.
تأتي الوعود الحكومية، على وقع اندلاع مظاهرات منذ 19 ديسمبر/ الماضي في عدة مدن سودانية، تشمل الخرطوم، احتجاجاً على تدهور الأوضاع الاقتصادية.
وبحلول 9 يناير، أعلنت الحكومة السودانية ارتفاع قتلى الاحتجاجات إلى 21 قتيلاً، فيما تقول منظمة العفو الدولية إن عدد القتلى 37.
ويعاني المواطن من أزمات شملت الخبز والطحين والوقود وغاز الطهي، بعد ارتفاع سعر الدولار ليتجاوز حاجز الـ 60 جنيها في الأسواق الموازية (غير الرسمية) رغم أن سعره رسميا يعادل 47 جنيهاً.
ويرى المحلل الاقتصادي السوداني محمد الناير أن التوقعات والوعود بإحداث استقرار في أسعار صرف الجنيه السوداني تبدو “غير كافية حتى الآن”.
وتساءل الناير عن طبيعة الاتفاقيات التي تحدثت عنها الحكومة السودانية، وقالت إنها ستعمل على خفض أسعار الدولار بالأسواق غير الرسمية.
وأوضح أن الأسواق الرسمية للعملات بالبلاد، ستراقب الكشف عن هذه الاتفاقيات حتى تستطيع أن تحدد بناء عليها أسعارها.
وتابع: لن يكون هنالك انخفاض أو استقرار لسعر الصرف حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري، وإذا كان هنالك نتيجة فستظهر بعد انقضاء النصف الأول من العام.
وأضاف: الاعتماد على المنح والقروض والتسهيلات، لن يعمل على خلق سعر صرف مستدام ولابد من إجراءات أخرى مصاحبة.
وشدد على أهمية أن تجتهد الحكومة السودانية في “إزالة العقبات أمام الصادرات غير البترولية، حتى تساهم بشكل واضح في ميزان المدفوعات”.
بدوره يقول الصحفي السوداني المتخصص في الشؤون الاقتصادية، أبو القاسم إبراهيم إن الوعود الحكومية باستقرار سعر الصرف “ليست أمرا جديداً ويصعب تحقيقها”.
وقال إبراهيم، إن الوعود الحكومية تقوم على أشياء افتراضية مثل الحصول على ودائع خليجية من دولتي السعودية والإمارات.
وأضاف أن الوعود الخليجية، حال صدقها، فلن يتم الوفاء بها إلا بعد فترة زمنية أقلها شهرين منذ الآن.
وطالب بوجود سياسات واضحة وحقيقية لإصلاح الوضع الاقتصادي الداخلي، دون الاعتماد على المنح والقروض، ومن أهمها محاصرة الدولار ومكافحة تهريب الذهب.
ويعول السودان على الذهب كمورد للنقد الأجنبي، بعد فقدانه لثلاثة أرباع عائداته النفطية بسبب انفصال جنوب السودان.
واحتل السودان المرتبة الثالثة إفريقيا في إنتاج الذهب، بعد جنوب إفريقيا وغانا في 2017، وتتوقع الحكومة وصوله إلى المرتبة الأولى خلال هذا العام.
وبدأت معاناة الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية مع انفصال جنوب السودان في 2011، بعد فقدان الخرطوم لثلاثة أرباع الموارد النفطية، التي تمثل 80 بالمائة من موارد النقد الأجنبي و50 بالمائة من إيرادات الخزينة العامة.
ويعاني السودان من أزمات اقتصادية مزمنة، رغم امتلاكه مقومات زراعية هي الأكبر في المنطقة العربية، بواقع 175 مليون فدان صالحة للزراعة، بجانب مساحة غابية تقدر بحوالي 52 مليون فدان (الفدان يعادل 4200 متر مربع).
كما يتمتع السودان بـ102 مليون رأس من الماشية، متحركة في مراعي طبيعية، تُقدر مساحتها بـ118 مليون فدان، فضلا عن معدل أمطار سنوي يزيد عن 400 مليار متر مكعب.
بيد أن هذه الثروات لم تستغل على مدى 63 عاما، عقب نيل السودان استقلاله من الاحتلال الإنجليزي في 1956.
وأعلنت الحكومة السودانية في موزانة 2019، عدم رفع الدعم للسلع الأساسية، وعدم إضافة أية أعباء ضريبية أو جمركية جديدة.
وارتفع الدين الخارجي للسودان إلى نحو 56 مليار دولار في نهاية 2018، مقابل نحو 52 مليار دولار في نهاية 2017، وفقا لبيانات رسمية.
وتتوقع الحكومة السودانية تحقيق معدل نمو 5.1 بالمائة في 2019، وأن ينخفض عجز الموازنة إلى 3.3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع 3.7 بالمائة في 2018.
التعليقات مغلقة.