باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
taawuniya 1135*120

جمال علي حسن :ترامب والقدس.. “بلفور” الجديد

606

إذا كان هناك مكسب إيجابي واحد للقضية الفلسطينية في قرار دونالد ترامب الكارثي ووعد (بلفور الجديد) الذي دمر تماماً ما يسمى بعملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، المكسب الوحيد هو أن هذه الخطوة كفيلة بإزالة خيارات المواقف الرمادية من أيقونات التعاطي العربي والعالمي مع القضية الفلسطينية.
فليس من الممكن بعد الآن قيام أي طرف دولي أو إقليمي أو عربي أو حتى فلسطيني بممارسة عملية تخدير جديدة لمصلحة إسرائيل وبيع أوهام عملية السلام الكسيحة وتسويقها للفلسطينيين وللعالم من جديد.
وليس من الممكن بعد قرار ترامب الفصل والتمييز بين المشروع الأمريكي والمشروع الإسرائيلي الصهيوني في المنطقة فهما مشروعان متطابقان في الأهداف والرؤية والآليات ولم يكن ذلك بهذا الوضوح الفاقع قبل أن يأتي ترامب ويتخذ قراره الذي يعني قمة التحدي والتسفيه الكامل لكل إرث التفاوض والمعاهدات والوعود الأمريكية بقيادة دور محوري لتحقيق السلام في المنطقة.
قرار ترامب يقول للعرب والمسلمين بكل وقاحة لو كان لديكم قدرة على فعل أي شيء فافعلوه.. القضية ليست قضية الشعب الفلسطيني وحده هي قضيتكم ياحكام وياشعوب العالم العربي والإسلامي.
ثم إن دونالد ترامب هذا اختار توقيتاً غاية في الدقة والخبث كون المنطقة الآن على أسخن صفيح لها على مستوى الأزمة الخليجية والأوضاع اليمنية وفوضى سوريا وعدم احتمالية أي نوع من التقارب أو التحالف بين سنة المسلمين وشيعتهم بسبب الصراع العربي الإيراني.
هذا توقيت ذكي جداً وخبيث من جانب الإدارة الأمريكية وترامب الذي يريد أن يحقق وعده لنتنياهو وللوبي الصهويني بتنفيذ ما عجز عن تنفيذه جميع الرؤساء المتعاقبين على أمريكا منذ رونالد ريغان الذي وقع في اليوم الأخير لولايته عام 82 على وثيقة مع إسرائيل حصلت الحكومة الأمريكية بموجبها على قطعة أرض من أملاك الوقف الإسلامي والأملاك الفلسطينية الخاصة في القدس الغربية المحتلة عام 1948 لبناء السفارة الأمريكية عليها.. ثم تجنب كلينتون فعل ذلك فعاد جورج بوش ووقع قانوناً أقره مجلس الشيوخ الأمريكي ينص على أن القدس الموحدة عاصمة للكيان الإسرائيلي لكن تفادى أوباما الدخول في هذا الملف حتى أتى عهد هذا الترامب الذي كان واضحاً من شخصيته أنه هو الذي سيفعلها وفعلها صدقاً للتوقعات لكنه على الأقل وضع بفعلته تلك القضية الفلسطينية أمام خيارات واضحة.
فعلها ترامب في اللحظة التي كانت القضية الفلسطينية قد تراجع الاهتمام بها عربياً بسبب تمدد قضايا أخرى على مساحتها التقليدية كأهم قضية عربية فعادت الآن الى الواجهة بصفة العاجل الذي لا يحتمل التأجيل ولا يقبل أنصاف الحلول.
ترامب أيضاً بقراره هذا يغلق الباب أو من المفترض أنه أغلق الباب أمام لغة اللين والتجاوب مع مشروعات التطبيع والتي بدأت رائحتها تفوح من تحت طاولات الأنظمة العربية مؤخراً.
ترامب فعلها بما يقطع دابر الشك في النوايا الأمريكية والمواقف الرمادية فعلها بوضوح كامل في موقفه وموقف بلاده..!
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

التعليقات مغلقة.

error: