كشفت محررة “واشنطن بوست” الشهيرة كارين عطية جوانب من شخصية الصحفي السعودي جمال خاشقجي، فقالت إنه كان حزينا على منع أفراد أسرته من السفر، وكان سعيدا بالكتابة في الصحيفة ويستعين بمترجمين لإعداد مقالاته باللغة الإنجليزية، كما كان متحمسا لإنشاء قسم باللغة العربية في “واشنطن بوست”.
وقالت عطية المسؤولة عن تحرير صفحات الرأي في الشؤون الدولية بالصحيفة، وقادت حملة الاحتجاج والحزن على خاشقجي خلال الأسابيع الأخيرة، إنها هي التي جاءت به ليكتب في الصحيفة.
وأوضحت في مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز” أنهم كانوا خلال العام الماضي يرون كثيرا من الأخبار عن تضييق محمد بن سلمان على الناس في السعودية وخارجها، وكان يتم أحيانا اقتباس آراء لخاشقجي في التقارير الواردة حول ما يجري بالمملكة، لكنها لم تشاهد أي مقال كامل له.
ضغوط أسرية
وبعد ذلك حصلت عطية على رقم خاشقجي على الواتساب، وتضمنت أول رسالة إلكترونية منه الشكر على دعوتها له للكتابة، لكنه أوضح أنه يتعرض لضغط كبير من أسرته وأصدقائه من أجل أن يلزم الصمت.
وقال خاشقجي لعطية إن لديهم ما يكفي من الدول الفاشلة في العالم العربي، ولا يريد أن تصبح بلاده هي الأخرى فاشلة، لذلك سيكتب رغم الضغوط التي تدعوه للصمت.
وأشارت إلى أن مقاله الأول اجتذب كثيرا من القراء، وأنهم في الصحيفة تيقنوا منذ تلك اللحظة بوجود قوة لها اعتبارها بين أيديهم، وطلبوا منه الاستمرار في الكتابة وكان سعيدا بذلك، إذ قال إنه على يقين بأن كلماته ستكون أقوى على صفحات “واشنطن بوست”، وكان فخورا بالنشر على صفحاتها.
”
كارين عطية أشارت إلى أن مقال خاشقجي الأول اجتذب كثيرا من القراء، وأنهم في الصحيفة تيقنوا منذ تلك اللحظة بوجود قوة لها اعتبارها بين أيديهم
”
يستعين بمترجمين
وذكرت عطية أن لغة خاشقجي الإنجليزية لم تكن جيدة تماما، فكان يستعين بمترجمين لإعداد مقالاته، مضيفة أنه كان يفكر بالعربية ويكتب بالإنجليزية.
كما كشفت أنه خلال الأسابيع الأخيرة كان متحمسا لإنشاء قسم عربي في الصحيفة، وكان ملحاحا (بالمعنى الإيجابي) وطموحا، وكان يرسل الكثير من رسائل الواتساب والبريد الإلكتروني ليسأل عن المواعيد، وكان يستخدم أشكال “الإيموجي” كثيرا، خاصة الإبهام الذي يعبر عن الإعجاب.
وقالت إنه أثناء ذلك كتب لها مرة أنه حزين ومكتئب لأن سلطات بلاده منعت أفراد أسرته من السفر وتحاول الوصول إليه، مشيرة إلى أنها لم تكن تعلم شيئا عن خطيبته التركية.
كثير السفر
وأوردت عطية في المقابلة أنه كان يسافر كثيرا إلى أوروبا، وكانت هي تفكر فيما إذا كان سفره أمرا جيدا له، وتتساءل أحيانا عما إذا كانت هذه الأسفار تتسبب في خلق مشاكل أمنية له، ولم يخطر على بالها أن هذه المشاكل الأمنية يمكن أن تتضمن أضرارا جسدية.
وعندما سألتها “نيويورك تايمز” عن السبب في أن تغريداتها عن خاشقجي بعد اختفائه كانت وفية وصريحة ومثيرة لإعجاب مؤيديه، قالت عطية إنها لا تتذكر وقتا هزها فيها الغضب والحزن بالمستوى الذي هزها على خاشقجي.
ومضت تقول إن أغلب ما وردها على فيسبوك من كل أنحاء العالم كان معبرا عن الحزن على خاشقجي وداعما له.
أرهقها نفسيا
وقالت عطية إذا كانت كلماته في “واشنطن بوست” هي التي عرضته للخطر، فإنها شخصيا تشعر بمسؤولية عما جرى له، موضحة أن شعورها هذا غريب لأنها مجرد محررة، لكنها في الوقت نفسه تشعر بأن دور المحرر هو حماية الكاتب.
وشكت عطية أن ما جرى لخاشقجي أرهقها نفسيا وتسبب في صعوبة نومها وجعلها منتبهة لقضية الأمن، وتفكر كثيرا “مع من تتحدث” وضرورة تأمين نفسها على الإنترنت.
وقالت إنها بحاجة إلى إجازة لاستعادة توازنها، مضيفة أن أكثر ما يعيد إليها الشعور بالحزن والاشمئزاز بشكل كامل هو تفاصيل القتل والتقطيع.
التعليقات مغلقة.