باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

لينا يعقوب: الدعوة الأوروبية

1٬444

ظللت خلال الأيام الماضية أتابع باهتمام ما يُقال حول لقاء سفراء الاتحاد الأوروبي ببعض الصحفيين، واحتجاج وزارة الخارجية على ذلك.
لا أنكر اندهاشي من التحليلات والتأويلات التي قيلت في القنوات أو كُتبت في المواقع، وكأنها المرة الأولى التي يلتقي فيها صحفيون بـ”سفراء”.
ليس دائماً الإعلام هو القادر على تشكيل الرأي العام، فالحكومة أيضاً وبقليل جهد، بإمكانها أن “تُشكل رأياً عاماً” حتى إن كان غريباً.
بدءً بأفراد الأسرة مروراً ببعض الزملاء والأساتذة والمسؤولين ظلوا يتناوبون في سؤال.. “ليه لاقيتو السفراء الأوروبيين؟”، وظللت أردد “وما نلاقيهم ليه؟”..
الخارجية؛ لم تحتج على البيان الأوروبي الذي أبدى قلقه من الحريات العامة في السودان، وهو الاحتجاج الذي كان متوقعاً ومقبولاً، إنما ذهبت لأبعد من ذلك بالحديث عما أسمته “انتقائية الدعوة” لتفتح الباب واسعاً أمام تأويلات وظنون، اقتربت من مفاهيم الخيانة وسوء التقدير وعدم الوطنية..!
بهدوء ودون مقدمات، هل على الصحفي أن يستأذن من جهة ما قبل أن يلتقي مسؤولاً أو سفيراً؟
وهل يحق للصحفي أو ” الشخص المدعو” أن يستفسر الجهة الداعية عن بقية المدعويين؟!
وهل تعتقد بعض الجهات المسؤولة في الدولة، أن التحريض والخيانة والعمالة تتم بطرق شفافة وواضحة، أم أنها تتم داخل الغرف المظلمة..؟
ولأن الصحفي يلتقي أي أحد كائناً من كان في إطار عمله، كان مُدهشاً بحق ما تم من همس وجهر.
الغريب أن الجهات الرسمية ما كانت لتحتج مطلقاً، إن كانت دعوة السفراء موجهة إلى الصحفيين المقربين من الحزب الحاكم فقط دون غيرهم، “فالانتقائية” هنا ليست مبدأ إنما خيار يُستخدم ضد فئة محددة.
سفراء السودان في الخارج، في القاهرة وواشنطن وعدد من عواصم العالم، يوجهون الدعوة للصحفيين والإعلاميين دون الحصول على إذن من جهة رسمية، لشرح موقف أو تقديم تنوير أو حتى للتفاكر.
والسفراء والدبلوماسيون المقيمون في الخرطوم كذلك يفعلون، وليس بعيداً الدعوة التي قدمها القنصل المصري الجديد للتعارف مع الصحفيين أمس الأول وألغتها السفارة، بعد أن ارتابت ربما من تفسيرات الحكومة الغريبة تجاه هكذا لقاءات.
مواقف الصحفيين مُشرفة، يسافرون إلى القاهرة ومن هناك ينتقدون الحكومة المصرية والإعلام المصري، يلتقون السفير الأمريكي ويستنكرون عدم رفع العقوبات ويطالبون برفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، يلبون دعوات المنظمات الأممية ويتحدثون عن الأدوار المفقودة والتقصير الدولي تجاه السودان.
يفرقون بوضوح بين الوطن والوطني، وفي ذات الوقت لا يخشون في رأيهم لومة لائم.. ما يرونه من قيود أو يطالبون به من حريات، يقولونه في اللقاءات المغلقة والمفتوحة مع “الحزب الحاكم” وأجهزة الدولة الرسمية.. يكتبونه على صفحاتهم على “فيسبوك” ومجموعات “الواتس اب” ويغردون به في “تويتر”..
دور الصحفي أن يلتقي كل الجهات ويُكَوِّن المصادر ويُوسِّع قاعدته “المعرفية”..
قال لي رئيس تحرير يؤمن بوجود حريات كافية، “لو كنت معكم لأقنعتهم بحجم الحريات المتاحة ولقدمت لهم الأدلة”، وهو ما يؤكد عدم وجود منطق في رفض اللقاء.
لا داعي للغمز واللمز.. من يرى في مثل هذه اللقاءات – أفراداً أو جهات – خرقاً للأعراف الصحفية، فليأتِ برأيه جهراً، فإما اقتنع أو اقتنعنا.

التعليقات مغلقة.

error: