البرلمان: باج نيوز
الشهر الماضي ودونما مقدمات طلبت نائب رئيس البرلمان عن الحزب الاتحادي الديمقراطي عائشة محمد صالح فرصة للحديث في البرلمان، لم يتوقع أحد أن تتحدث عائشة “خارج النص” وفي بضع ثوانٍ قالت :” ظل العضو عبدالله مسار يثير العنصرية بصورة مستمرة بالبرلمان ضد سكان ولايات الشمال، بالرغم من انه كان والياً بالشمال ويعلم البؤس الذي يعيشه إنسانه، هنالك مناطق على بعد مرمى حجر من سد مروري ولا تتمتع بالكهرباء لذلك يجب عليه النأي عن اثارة العنصرية داخل المجلس”..
قالت عائشة حديثها وجلست لكن لم يكن متوقعاً أن يصفق لها نواب بالبرلمان لأن هذا “التصفيق” فُسر بالإعجاب..
ربما يسأل سائل لماذا الهجوم الشرس لعائشة إبنة الشمال التي عاشت حياتها في الشرق “بورتسودان” على مسار إبن “الغرب” “شرق دارفور”، لكن المتابع لما يدور في البرلمان يعلم أن مسار وفي أحاديث سابقة قال إن هنالك ولاية لا يزيد عدد سكانها عن “700” ألف شخص تستحوذ على المناصب العليا في الدولة “في إشارة لولاية الشمالية”.
العنصرية تسأذن دخول البرلمان
من هنا بدأت “العنصرية” تطرق أبواب قبة البرلمان لأول مرة مستأذنة بالدخول من أوسع أبواب البلاد قومية..
جهود بذلت من بعض النواب لإطفاء نار الفتنة “داخل القبة” لكنها لم تنجح وقتها، وعدد من النواب اعتبروا اتهامات عائشة وحديث مسار بغير الموفق لجهة أنه يسرق البرلمان لمنحى عنصري، لم تتتراجع عائشة عن اتهاماتها وقال مسار أنه يطالب بحقوق مستحقة لمواطنين ولم يتراجع عن اتهاماته بأن ولاية معينة تستأثر بالوظائف العليا في البلاد.
الهدوء قبل العاصفة
هدأت النار أياماً لكنها سرعان ما عادت واشتعلت مرة أخرى لكن هذه المرة بصورة مختفلة..
رئيس لجنة الصناعة بالبرلمان عبدالله علي مسار وكإجراء روتيني دفع بطلب لرئيس البرلمان إبراهيم أحمد عمر لإستدعاء وزير الكهرباء معتز موسى حول تأخر إنشاء محطة كهرباء الفولة بولاية غرب كردفان، حضر الوزير وقدم رده للبرلمان لكن مسار لم يقتنع بمبرراته، فقال: “هنالك جهات في الحكومة تقف وراء تنفيذ المشروعات الخاصة بولايات دارفور وكردفان، وبالرغم من أن سكان تلك الولايات يعادلون “41%” من سكان السودان فإن توليد الكهرباء القومية فيها يعادل “2%” فقط من بقية الولايات”، أثار حديث مسار “همساً” داخل البرلمان مما دعا أحد النواب ليطلب “نقطة نظام” قال فيها أن حديث مسار مرفوض ويسوق المجلس الوطني لإتجاهاً عنصرياً وهنا رد مسار قائلاً: “الأرقام التي ذكرتها عن سكان ولايات دارفور وكردفان والتوليد الكهربائي فيها أُهديها لنائب رئيس البرلمان عائشة صالح التي إتهمتني بالعنصرية ومن صفق لحديثها من النواب”.
إستجواب عنصري
نواب بالبرلمان رفضوا الإفصاح عن إسمائهم قالوا لـ”باج نيوز” أن إستدعاء وزير الكهرباء من قبل مسار لم يكن أمراً طبيعياً لجهة أنه يريد أن يسُوق البرلمان في إتجاه عنصري ومناطقي، الأمر الذي دعاه لإستمالة الأعضاء من ولايات كردفان ودارفور لإسقاط إجابة الوزير حول كهرباء الفولة، وما يؤكد حديث النواب أعلاه هو ما لاحظه محرر “باج نيوز” عند عرض إجابة الوزير للرفض أو القبول هو أن غالبية النواب الذين رفضوا الإجابة من ولايات كردفان ودارفور من جميع الأحزاب بما فيها المؤتمر الوطني، ويُفسر هذا بأن نزعة المناطقية كانت طاغية على قومية البرلمان.
وبحسب حديث أعضاء بالبرلمان فإن الإستجواب يعتبر الأول من نوعه بالمجلس الوطني.
لم تمر أيام من هذه الأحداث ليعود الأمر مجدداً بالبرلمان بإتهام رئيس لجنة الإعلام بالبرلمان الطيب مصطفى بتسريب معلومات عن إجتماع هيئة قيادة البرلمان “الرئيس ونوابه ورؤساء اللجان الدائمة” مع الرئيس عمر البشير ونشره في صحيفة “الصيحة”.
وقبل الخوض في تفاصيل المعلومات المسربة ربما يبدو الأمر لكثيرون أنه مخالفة عادية، لكن المعلومات التي نشرت “مينشيت” أحمر في “الصيحة” قالت :”رئيس الجمهورية يحذر مسار من إثارة العنصرية داخل المجلس الوطني”.
ومما يؤخذ على “مصطفى” خروج صحيفته “الصيحة” بعنوان رئيسي ليومين متتالين بذات “الخط” وهو إتهام مسار بالعنصرية وكأنه يدعم إتهام عائشة لمسار إعلامياً ليثبت عنصرية مسار.
نواب “دارفور” في مواجهة “الطيب”
عضو البرلمان عن دائرة عد الفرسان بولاية جنوب دارفور محمد طاهر عسيل دفع بطلب لرئيس البرلمان إبراهيم أحمد عمر لمساءلة الطيب مصطفى في البرلمان حول تصريحاته، “مصادر قالت لـ”باج نيوز” أن عسيل لم يقدم الطلب من تلقاء نفسه لكنه اراد أن ينصر أخاه مسار على الطيب مصطفى لجهة أنهما من دارفور، لذلك دفع بطلب مساءلة الطيب، كما أن إحدى الكتل البرلمانية التي تضم أحزاب وولايات دافور اصدرت بياناً في تلك الأيام إتهمت فيه الطيب مصطفى بالتحريض ضد عبدالله مسار بإتهامه بالعنصرية دون حق عبر نشر خبر في “الصيحة”، الأمر الذي زاد من وتيرة ظهور “العنصرية” في البرلمان وبصورة أكبر، إلا أن عسيل نفى في حديث لـ”باج نيوز” أن يكون تقديمه لطلب مساءلة الطيب يقوم على اساس عنصري ومناطقي أو بإيعاز من عبدالله مسار، وقال أنه أراد يدافع عن البرلمان من الممارسات غير السليمة كتصريح الطيب مصطفى عن إجتماع مغلق للبرلمان مع رئيس الجمهورية.
لكن عسيل ايضاً أكد وجود العنصرية بالبرلمان وقال أن وجودها ليس بالصورة الواضحة لكنها مستترة وتابع: “من خلال تصرفات بعض النواب تشعر أن الوضع غير سليم، وإحساس النواب القادمين من مناطق الهامش ليس دارفور وكردفان فقط بل حتى الشمال والشرق والجنوب يشعرون أن هنالك إستعلاء من بعض الجهات عليهم”، واضاف عسيل: “عنصرية بصورة واضحة غير موجودة لكنه إذا إستمر الوضع بالبرلمان بهذه الصورة ستظهر العنصرية بصورة واضحة”.
نواب يؤكدون وجودها
عضو البرلمان عن دائرة دنقلا بالولاية الشمالية ابوالقاسم برطم قال لـ”باج نيوز” يجب على النائب البرلماني أن يكون ضد العنصرية والقبلية لأن إستعمال العنصرية لإستمالة عطف البعض اسلوب “رخيص” ويجب أن يتجاوزه الجميع إذا أردنا أن نذهب بالبلاد للأمام، برطم لم ينفي وجود العنصرية بالبرلمان وقال: “العنصرية ظهرت بصورة خفيفة في المجلس الوطني، لكن نتمنى أن تقتل في مهدها”، بينما قال البرلماني علي محمد الحسن عضو الحزب الإتحادي عن دوائر ولاية الجزيرة لـ”باج نيوز” أن البرلمان يناقش قضايا قومية لكن بالضرورة يجب أن تكون لديهم قضاياهم المحلية المتعلقة بالتنمية والخدمات، وأن الحديث المناطقي يجب أن يبقى في إطار التنمية والخدمات، وأضاف “من الضروري الحديث عن المناطق لكن دون المقارنة مع مناطق أخرى والمساس بها”، الحسن أيضاً أكد وجود العنصرية بالبرلمان قاطعاً بأنها محصورة على عدد قليل جداً من النواب ولا تعتبر توجه للبرلمان.
التعليقات مغلقة.