الطاهر ساتي: على الورق..!!

:: العلاقات السودانية الصينية (مثالية)، بحيث لم تتأثر بتقلبات طقس السياسة منذ (60 عاماً).. ومع ذلك، خلال استقباله رؤساء كبرى الشركات الصينية، تعهد رئيس الجمهورية، المشير عمر البشير، بحماية الشركات الصينية لتعمل في مناخ مستقر وجاذب للاستثمار.. الشاهد أن البلاد بحاجة إلى أجهزة وقوانين تشرف على هذا القطاع وتديره بالمؤسسية التي تساوي كل الاستثمارات الأجنبية والوطنية في (الرعاية والحماية)…ولعدم توفر المؤسسية، تحتمي الشركات بالرئاسة .. !!

:: وبالقاهرة، يُعلن وزير الصناعة موسى كرامة عن تخصيص قطعة أرض مساحتها مليوني متر مربع لإقامة منطقة صناعية مصرية على النيل، وأن دراسة الجدوى سوف تكتمل خلال (6 أشهر)، وموضحاً بأن إدارة المنطقة الصناعية سوف تكون مصرية.. والغريب في الخبر هو أن المشروع صناعي، ومع ذلك – حسب إعلان كرامة – تم تخصيص أرض المشروع (على النيل).. ولو كان المشروع زراعياً أو سكنياً، ربما لتم تخصيص الأرض (في الصحراء)، ولله في العقول التي تخصص الأراضي وتقرر مصائر الناس والبلد شؤون..!!

:: وعلى هامش الخبر، يقول وزير الصناعة: (قانون الاستثمار بالسودان يعد مشجعاً إلا أن كافة مميزاته على الورق فقط، وأن هنالك عقبات كثيرة تتقاطع مع تنفيذ السياسات الاستثمارية وأنهم يعملون على إزالتها).. وما لم يكن لحديثه معنى آخر، فإن قانون الاستثمار السوداني مشجع وجاذب للمستثمرين، ولكن لا توجد المزايا التي تشجع المستثمرين وتجذبهم إلى السودان إلا على الورق فقط.. وأي قارئ لهذا التصريح سوف يظن بأن القائل معارض للحكومة أو متمرد عليها، وليس وزير الصناعة شخصياً.. ومن المدهش أن يظن وزير الصناعة بأن حديثه هذا يأتي في إطار جذب المستثمرين..!!

:: وفي ذات يوم من أيام يوليو الفائت، بصحيفة (الشرق الأوسط)، قال وزير الاستثمار مبارك الفاضل: (تعلن وزارة الاستثمار في السودان – الشهر المقبل – عن خريطة جديدة للمشاريع الاستثمارية في البلاد، ويصاحب الإعلان المرتقب قانون جديد للاستثمار).. ويومها قلت معقباً: اللهم نسألك الصبر على كثرة القوانين وتراكمها فوق بعضها (بلا جدوى)، و كل من يقرأ هذا التصريح سوف يصيح لا إرادياً: (تاااني قانون جديد؟).. فالقانون الحالي لم يصبح قديماً بعد، ولا تزال الألسن والأقلام تصف قانون الاستثمار الحالي بالجديد، فكيف تفكر الحكومة في الإعلان عن قانون (جديد آخر)؟.. هكذا تساءلت..!!

:: ومع ذلك، مضى يوليو ثم أغسطس، ونعيش سبتمبر حالياً، ومع ذلك لم يُعلن مبارك الفاضل عن خريطة المشاريع الاستثمارية الجديدة، ولا عن القانون الجديد، وهو قد يصبح السادس في الترتيب خلال العقد والنصف الأخير.. فالحكومة كما تعلمون تُشَرِّع قانوناً حديثاً كل ثلاث سنوات.. والمدهش أن كل قانون يحتفظ بصفة الجديد حتى لحظة الإلغاء، ثم يصبح قديماً بعد إجازة (قانون جديد).. وعلى كلٍّ، لم يعلن مبارك عن القانون الجديد ولا عن الخارطة الاستثمارية، فربما كان حديثه أيضاً – كحديث موسى كرامة – (كلام جرائد)، أو ربما لقناعته بأن قانونه أيضاً سوف يكون جاذباً ومشجعاً على (الورق فقط)..!!