* محير جداً أن يتواصل صمت الحكومة، وأن يقترن صمتها الغريب والمريب بعجز بنك السودان المركزي عن حل أزمة شح السيولة.
* مؤسف للغاية أن يكتفي المسؤولون عن الملف الاقتصادي بالفرجة على البنوك، وهي تعجز عن تلبية طلبات عملائها من النقد، وتفشل في صرف مرتبات العاملين في الدولة، وتزدحم بالصفوف طلباً للكاش الغائب، من دون أن يتحركوا لمعالجة هذا الوضع المتردي.
* ماكينات الصرف الآلي صارت أفرغ من فؤاد أم موسى، وتحولت إلى قطع صماء من الحديد، لأن غالبية البنوك توقفت عن تغذيتها بالنقد منذ شهور.
* أزمة لم نشهد لها من قبل مثيلاً، عطلت حركة البيع في الأسواق، وقضت على ثقة العملاء في البنوك، وحولت النقد من (عملة) إلى (سلعة)، تشهد مضاربات ربوية قبيحة، لدرجة بيع مبلغ تسعين ألف جنيه نقداً بمائة ألف جنيه (شيك)!
* إلى متى تتواصل فصول الكارثة؟
* ومتى تنفرج الأزمة الخانقة؟
* موظفو المصارف أصبحوا يتجولون في محطات الوقود والجامعات والمدارس الخاصة والمتاجر الكبيرة، ويحرسونها منذ الصباح الباكر طمعاً في نيل حصيلتها من الكاش.
* كيلو الذهب بات يشترى بمليون وأربعمائة وعشرة آلاف جنيه نقداً، ويباع بمليون وخمسمائة ألف جنيه بشيك، سعياً للحصول على النقد الغالي.
* قبل سفري إلى الأراضي المقدسة احتجت مبلغاً مالياً لتغطية التزامات شخصية عاجلة، وذهبت إلى البنك طلباً للمال فقوبل طلبي بالسخرية، وفي آخر المطاف منحوني مبلغاً زهيداً، بعد تحويلي إلى مباني إحدى الجامعات الخاصة، حيث يوجد موظف تحصيل يتبع للبنك الذي شهد ازدحاماً كبيراً، وسخطاً عالياً من عملائه الراغبين في الحصول على جانب من أموالهم لتغطية التزامات العيد.
* يومها قال لي مدير البنك الذي أتعامل معه، لو منحتك المبلغ الذي تطلبه فلن أخرج من هذا المبنى سالماً!
* يوم أمس أوردت (اليوم التالي) خبراً مهماً، تطرق إلى مخاطر أزمة شح السيولة على الموسم الزراعي في القضارف، لأن مرحلة نظافة المحاصيل، التي تسمى (الكديب)، تحتاج مبالغ مالية مقدرة، فشل المزارعون في توفيرها للعمال، فتوقفوا عن الاستعانة بهم، خوفاً من ردة فعلهم العنيفة حال عدم منحهم مستحقاتهم نقداً، علماً الولاية شهدت هذا العام زراعة مساحات شاسعة، تُعد الأكبر والأعلى إنتاجاً في تاريخ قضارف الخير الوفير.
* البنوك تنهار كل صباح، وتفقد ثقة عملائها الرافضين لتوريد أموالٍ لا يستطيعون استعادتها حال طلبهم لها، وامتدادات الأزمة تفرعت لتشمل الزراعة، وتعطل حركة البيع في الأسواق، ولا أحد يهتم بعلاجها، أو يتطوع بتفسير مسبباتها، ويوضح للناس متى تنفرج.
* لا يوجد اقتصاد معافى من دون نظام مصرفي قوي.
* استمرار أزمة شح السيولة يعني المزيد من التراجع والانهيار لاقتصاد مقيم في غرفة الإنعاش، والمزيد من التدهور وانعدام الثقة في البنوك، ويعني خنق التجارة، وتعطيل حركتي الصادر والوارد، وتدمير كل القطاعات المنتجة، وأولها الزراعة.
* أما الصناعة فقد انتقلت إلى رحمة مولاها فعلياً، بعد أن توقفت ماكينات معظم المصانع عن الهدير ، تبعاً لغياب النقد، وعسر الإجراءات المتبعة في استيراد المواد الخام.
* إلى متى تستمر الكارثة المخيمة على البنوك منذ شهور؟
التعليقات مغلقة.