عاجل
- رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن فوز ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية
- الجيش يبسط سيطرته على الدندر
- استشهاد قائد منطقة البطانة العميد أحمد شاع الدين
- البرهان يتفقد المواطنيين بمدينة أمدرمان
- طيران الجيش يقصف مواقع تجمعات قوات الدعم السريع شرق الفاشر
- السودان.. إسقاط مسيرات في مدينة كوستي
- السودان.. حرق برج الاتصالات في الخرطوم
- حميدتي يقيل مستشاره يوسف عزّت
- الجيش يصدّ هجومًا للدعم السريع على مدينة سنار
- السودان..إسقاط مسيرات في كوستي
لم أرغب أن أتجشم كتابة هذه السطور إذ كنت أفترض أنه من هم أنضج مني سياسيا وأقدم في متابعة بل تأسيس الدولة والحزب والشئون العامة أولى مني، ولكن للأسف كثير منهم آثر الصمت وبعضهم أدلى بحديث نقيض ما كنت أتوقع منه فألفيت نفسي في فرض كفاية لم يقم به البعض ووجب القيام به.
1/ أعتقد انه ما من ثمة تأثير ضار لمعارضي ترشيح البشير من أصوات سياسية محلية او ممن يدعون تمثيل المجتمع دولي او منظمات النفاق باسم حقوق الإنسان، فالشعب السوداني و دول الجوار و الاصدقاء يعلمون ان المعارضة لا بديل لها و ان منافقي المنظمات لا يريدون بالسودان خيرا بالبشير أو بغيره فلا قيمة لرأيهم فيه. أيضا لا ضرر من أفراد من المؤتمر الوطني أعلنوا تحفظهم على الترشيح ثم بدلوا رأيهم و صمت بعضهم أواستمر. بل لا ضرر ممن يريدها لنفسه او لشخص ما إن وجد هذا .. الجدير بالذكر أن بعضهم لم يدفعوا بالاصلاح ولا التجديد وهم في عز ومنعة السلطة و لم يفتحوا الابواب لمن بعدهم واحتفظوا بحلقات ضيقة ومتنفذة حولهم من موقع الي موقع ثم يتحدثون اليوم عما كان بمقدورهم الدفع به بالأمس.
بكل صراحة .. الضرر الحقيقي ليس من كل هؤلاء بل ممن يريدون اشعار البشير انه يحتاج الي نصرتهم ضد الرافضين والمنتقدين له، ويضخمون الخطر حتي يوجدوا لانفسهم دورا أكبر في معارك يسعون هم انفسهم الى اندلاعها. في حقيقة الأمر، لا البشير و لا البلاد الان في حاجة الي تتبع رافضين أو متحفظين واحراجهم واستفزازهم. موضوع ترشيح البشير في 2020 لا يوجد مهدد له فالتحدي،الان اقتصادي،فقط،لا غير. بل لو وفق الله البشير الي تقوية الاقتصاد وتنميته في الولاية المقبلة إلى معدلات قياسية فسيكون مرغوبا فيه في 2025، هكذا يفكر الناس، الأمن والإستقرار والإقتصاد ولا يعيرون انتباها لطموحات فلان أو أجندة علان أو أولاد “فرتكان”. بناء على هذا يجب إيقاف العبث السياسي بموضوع الترشيح لأن هذا الإخراج الممجوج والمتصنع قد يؤدي إلى زهد الناس في إعلان التاييد في أجواء ملق ونفاق وخلافات وانصراف عن القضايا الأخطر. الشعب السوداني يقيم البشير بأداء حكومته والإنجازات وعبور التحديات وأخلاقه وحديثه ووجوده في الفرح والترح معهم. من النقاط السلبية جدا محاولات بعضهم لغرغرة ترشيح البشير، والزج بالموضوع في ظل نقاشات عن الخدمات و الاقتصاد من باب امتحان الناس او العضوية واظهار التأييد، هذا خلط اوراق و “غرغرة” لا يحتاج لها الناس فالشعب واعي جدا بمعادلات أمنه واستقراره ولن يتخذ خيارا خاطئا، يكفيك أنه في عز الحر وفي صف البنزين والموبايلات تضج بالتحريض .. صلوا صلاة الجمعة على الأسفلت الساخن ولم يتظاهروا .. هل هذا شعب يحتاج إلى غرغرة أم كلمة طيبة وحديث منطق وعقل؟! وقبل ذلك إنجازات وحلول؟!
2/ أن يصور كاريكاتير وزير المالية السابق جزارا يسلخ المواطن ثم ينقلب الامر ويتباكى الرأي العام عليه .. فهذا سلوك شعبوي معروف وصحف تتسابق في توزيع .. لا اتعجب من ذلك ولكنني اتعجب منه في منسوبي الحزب الذين يفترض أن يتحلوا بنضج سياسي أفضل، وكذلك أن يرى بعض الناس عبد الرحيم حمدي مجرما ماسونيا في عهده ثم يرونه المخلص الحكيم حاليا، هذا طق حنك مقبول إعلاميا لكنه غير مقبول لقيادات ولو طلاب ثانوي في الحزب الحاكم. وليس من الاخلاق و لا من المروءة اختزال الفشل في طاقم اقتصادي في حزب أو دولة او اتخاذ وزير المالية أو محافظ البنك أو أي مسئول كبشا للفداء امام الرأي العام وزير المالية الفريق الركابي الذي يحمله الناس مسئولية موازنة أجازها مجلس الوزراء والبرلمان لم يطلب الكرسي ولم يسعى له لكنه جندي يلزم التكليف ومن حسن خلقه انه يصبر علي الاساءات و التصوير الخاطئ له انه متشبث بالسلطة، هذا غير صحيح .. الوزير باق بتكليف الرئيس و لن يذهب الا باعفائه ويحمد له أن خلقه يمنعه من أن يفتعل مشكلة ليخرج بها بطلا وسط ضجيج اعلامي. والكل يعلم ان البشير شخصيا هو من يتحمل المسئولية الأكبر الان و يشرف مباشرة علي الملفات من سعر الصرف الي مكافحة الفساد ومن كان لديه نقد او راي سديد موجه للبشير فلا يدبجه بشتم أشخاص حرجا من ان يفهم انه ينتقد البشير .. فالخطأ في حق البشير جائز وهو ليس معصوم والرجل ليس طاغية لرفض رأيا او نقدا ان كان كفاحا أوعبر القنوات الخاصة أو علنا في شورى أو برلمان أو صحافة حسب حساسية المعلومات وتصنيفها. ولو أعفى الرئيس وزير المالية أو غيره فيجب شكرهم على خدمتهم وليس إخراجهم وسط زفة من الإساءات والتوبيخ.
3/ ها هنا يبرز سؤال أين الأزمة؟ والجواب هي ليست في الرئيس أو الطاقم الاقتصادي.. بل فينا كلنا الخطأ كبير و عام .. وهو للأسف حالة مزمنة من المخاوف السياسية والأمنية تشل الحكومة من اتخاذ قرارات اقتصادية ناجعة “في وقتها” و كلما اتخذ البشير جزءا منها متأخرا وأبطأ بالآخر نزولا لرأي أمنيين و سياسيين ومخالفا للرأي الإقتصادي احتقن الفشل في الجزء المؤجل و تكاثر و تضاعف .. وبذلك تزيد المخاوف .. هذا هو الوضع و ما زالت في صفوف الحركة الإسلامية و الحزب الحاكم لوثة اشتراكية ووهم عن الحكومة الفاضلة الكبيرة اليد العليا المنفقة و ضرورة القبضة المسيطرة على السوق … و بدلا من ان يتوجه النقاش لهذه القضية و للعلاج المر لها تندلع كل مرة موجة من جلد الذات وتمزيق سمعة الحكومة و المسئولين بالحق وبالباطل بأيدي منسوبيها وبسبب خلافات داخلية أحيانا وسيأتي شرح هذا.
4/ المنصب الحكومي لم يعد مغريا بل طاردا في بعض الأحيان، وقد أبدل الله البشير المستوزرين بالمعتذرين .. يا لطرافة التحول .. ولكن هذا خير كبير .. وكلما نقص عدد السياسيين وطلاب المواقع وسخنت الكراسي من تحتهم قلت الصراعات .. ولتكن هنالك حملة ودعوة لمغادرة المواقع والدخول في القطاع الخاص .. والعمل الطوعي إلى غير رجعة .. ولتفتح الحكومة باب الخروج واسعا ما أمكن ذلك، ففي القطاع الخاص فسحة للإرتباط بالواقع وتفهم له وفيه فطام من الولع بالحكم والسياسة.
5/ البلاد تمر بظروف حرجة.. و نقد الذات مفيد و لكن جلد الذات ضار .. على سبيل المثال بدلا من يستفيد الناس من تجارب دول الجوار الناجحة يشتمون السودان و لا يتحققون من دقة المقارنة بين السودان وهو دولة محاصرة لعشرين سنة و اخرى لا تعاني من ذلك و بين دولة تفتح أبوابها لحريات شخصية للسياحة “على الاخر” و دولة لديها توجه أخلاقي ومجتمع محافظ .. و هكذا الامثلة كثيرة.
المهم.. أن نقد الذات مفيد لكن البكائيات و المقارنات المجحفة و جلد الذات ضار للغاية لأنه يفرض جوا سلبيا تختفي فيه الآراء الموضوعية وتبقى العاطفية التي تدغدغ الكبرياء ونزعة الكمال .. والكمال مستحيل .. المطلوب التحقق من الإيجابيات والإمكانات الموجودة والبناء عليها وليس البكاء والعويل على ما فات وعلى ما يمكن انجازه بعد سنين عددا.
أكثر أمر يخشى منه هو تضخم عدد قبيلة سائقي المقعد الخلفي Back Seat Drivers أو بي إس دي BSD إختصارا أو ” البسّادة” على وزن “خشّامة” وهي قبيلة لا تقل ضررا و إرباكا للدولة من التمرد والعمالة والفساد والهجمات الإسفيرية بل يقوم “البسّادة” بإعادة تدوير الهجمات في التواصل الإجتماعي وداخل مجالس وتجمعات الحزب وكأن الدنيا انتهت .. أولإبراز دورهم في الرد .. وهذه ملهاة من القضايا الهامة.
6/ الدبلوماسية الرئاسية نجحت بلا شك، بل وأصبحت مدرسة متميزة يمكن أن تصبح مرجعا لعدد من الدول، مثل الفنون السودانية في التفاوض إذ هي بالرغم من أخطائها ساعدت في تليين الموقف وفرض حالة من السيولة السياسية يستطيع السودان – حسب ذكاء المفاوض- أن يحقق إنجازات في ملفات غير ملفات التفاوض .. بمعنى أنه كانت من أهم خطوط التأمين الدبلومسي .. وهي أيضا تعتمد على الدبلومسية الرئاسية في قوتها بالتعامل المباشر مع الرئاسة. الدبلوماسية الرئاسية من جهتها في طور جديد وأنا أتحفظ تماما على تحولها إلى هيكل أو اصابتها بترهل، بالمقابل تحتاج إلى تأطير مؤسسي جديد. لو ترهلت وصار لها هيكل كبير لانتقلت إليها ذات الأمراض من الدبلوماسية التقليدية، إذ أن فعاليتها في رشاقتها ووجودها ضمن الملفات المهمة على طاولة القيادة. ولو تركت بدون تجديد نكون قد ضيعنا ثروة السنين وتجارب اللحظات التاريخية العسيرة وثمرات التوكل. شيء من الطمأنينية يتملكني واعتقد أن الأمور تسير على ما يرام في تأطير الدبلومسية الرئاسية بل وفي إصلاح الخارجية. المس في ذلك جدية من الطاقم المكلف بالمتابعة.
التعليقات مغلقة.