لديَّ رغبة مُلحَّة في تصديق وزير الإعلام الدكتور أحمد بلال.
في مرَّات كثيرة، نُصبح في حاجة لتصديق كُلِّ ما يُخفِّف عنَّا وطأة الجمر وصراخ الجراح.
لا أعرف ماذا يمكن أن يحدث خلال أشهرٍ قلائل، حتى تُصبح الأزمة الاقتصادية من (حكاوي الماضي)؟!
الصفوف لا تنتهي إلا لتعود، والدولار لا يتراجع إلا لينطلق من جديد، ونار السوق لا تخبو ولا تنطفئ في كُلِّ الأحوال.
رغم ذلك، من المُهمِّ أن تكون هناك بوارقُ أملٍ حتى لا يُصاب المجتمع بمتلازمتَي اليأس والإحباط، المفضيتين إلى الفوضى واللامبالاة.
نتمنَّى أن يحدث ذلك قبل سقوط الحصان من الإعياء وانقطاع سيور العربة، وقبل أن تضيق الدائرة السوداء حول الرقبة، فيُصبح السيف على الصدر، وعلى الظهر جدار، على قول الراحل أمل دنقل.
-2-
لا يوجد أسوأ من الإحباط على تماسك المجتمعات والحفاظ على استقرارها وصون وحدتها.
اليأس داءٌ عضال، يفتح الباب أمام السيناريوهات السيِّئة، ويقود المجتمعات إلى النهايات الصفرية، حين يتساوى كل شيء مع نقيضه: الموت والحياة، الخوف والأمان، الوجود والعدم.
الوعد بتجاوز الأزمة الاقتصادية في وقتٍ قصير إذا لم يصدق، سيُصبح الوضع أسوأ مما هو عليه الآن، ولن يبقى في رصيد المصداقية ما يكفي لقبول وعود جديدة.
لا أعتقد أنه بالإمكان تجاوز الأزمات الاقتصادية، والانتقال إلى مُربَّع الاستقرار، إذا ظلَّ الطاقم الاقتصادي الموجود حالياً يُدير شأن معاش الناس بلحية زيدان الكسول!
هؤلاء قد كشفنا سرَّهم، وخبرنا أمرهم، واستسغنى مُرَّهم، لا يمتلكون حلولاً لنا، بل يُسهمون في تعقيد الأوضاع بقراراتهم الخاطئة، وسياساتهم العرجاء وغبش الرؤية.
إذا كان علينا تصديق الوعود بتجاوز الأزمة الاقتصادية خلال أسابيع أو أشهر؛ فلا بدَّ من تغيير الذين أوصلونا لما نحن فيه الآن من مُعاناة وشظف.
-3-
هذا الطاقم الاقتصادي، مُشوَّشٌ وبطيء في حركته، ثقيل الخطى تجاه المشكلات قبل أن تتحوَّل إلى أزمات.
مشكلة مثل عدم توفر الخبز، كانت تلوح في الأفق منذ فترة عقب ارتفاع سعر الدولار.
كان الأوْلَى والأجدَى، أن تكون هناك حلولٌ استباقيةٌ أو مُعالجات إسعافية، قبل تفاقم الوضع ووصوله إلى ما وصل إليه من حال يُسيء إلينا كشعب، ويُلحق العار بالحاكمين.
هؤلاء تعوَّدوا على الاسترخاء وانتظار الأزمات حتى تأتي إليهم، ثم من بعد ذلك يُفكِّرون في إيجاد حلول لها أو تخفيف وقعها.
-4-
إدارة أمر الدول وحال الناس بهذه الطريقة البطيئة ضعيفة الاستجابة، والتي لا تمنع وقوع الفأس على الرأس، ولكن تكتفي فقط بالمعالجات السطحية والتخدير الموضعي؛ أقول إن مثل هذه الإدارة، لن تُحدث استقراراً ولا تحولاً يصبُّ في مصلحة الناس.
الطاقم الاقتصادي الذي يُدير شأن معاشنا اليوم، ليس فقط لا يملك حلولاً، ولكنه أدمن وألفَ أجواء الأزمات، وأصبح مُتصالحاً مع الفشل والإخفاق.
حاله كحال المريض الذي يُدمن البقاء في المستشفيات، حتى ولو كان صحيحاً، والسجين الذي يألف السجون فلا يخرج منها إلا ليعود إليها.
-أخيراً-
سنُصدِّق الدكتور أحمد بلال، ونطمئن لوعوده، إذا تمَّ اختيار طاقم اقتصادي جديدٍ من خارج صندوق الخيارات القديمة البائسة.
طاقم صاحب رؤية حديثة وإرادة قوية وطاقة ذهنية مُتجدَّدة، قادر على جعل أزمتنا الاقتصادية قصة للنسيان.
أما مع الفريق الركابي وصحبه، فمن الصعوبة الحلم بعالم سعيد، وتجاوز كابوس الصفوف الممتدَّة.
التعليقات مغلقة.