قبل عامين، قدمت عايدة حاج علي، (29 عاماً) وهي أصغر وزيرة سويدية مسلمة من أصل بوسني، استقالتها من الحكومة بعد أن ضبطتها الشرطة وهي تقود سيارتها تحت تأثير الكحول.
وزيرة التربية والتعليم، عقدت مؤتمراً صحفياً، قالت فيه إنها تشعر بخيبة أمل واتخذت قرارها بالتشاور مع رئيس الوزراء.
رغم أن نسبة الكحول في دم الوزيرة كانت 0,2 بروميل، وهي نسبة قليلة، لكنها تتعدى النسبة المسموح بها في السويد، ومع ذلك قالت: “عليَّ أن أتحمَّل المسؤولية”.
رئيس الوزراء اتفق معها قائلاً: “أوافق على الاستقالة وآسف لفقدان وزيرة ناجحة”..
ذلك الاحتمال القليل مثل “بروميل الكحول”، الذي يمكن أن تسببه الوزيرة من أذى أو خطأ في حق الآخرين نتيجة سلوك شخصي، كلفها اعتذاراً سريعاً واستقالة فورية.
ترى كم مسؤولاً في السويد كان سيستقيل إن انهار حائط مدرسة على تلاميذ، فتسبب في موت وجرح عدد منهم؟!
الفكرة ليست في “الاستقالة” أو لعب دور البطولة والشجاعة، إنما في “الإحساس” الذي يملكه شخص ويعبر به كيفما شاء، ويفتقده آخر فيصبح دمه متجلطاً كالحجارة أو أشد قسوة!
هل تذكرون المعلمة التي توفيت العام الماضي إثر انهيار حمام مدرسة عليها؟
ألا تذكرون تلك “الصحوة” وتباري المسؤولين إلى منزل المعلمة لتقديم واجب العزاء؟
ما الذي حدث بعد ذلك؟ انصبت الجهود على مختلف المستويات في إعادة تأهيل “المرحاض” الذي سقط، بآخر يصمد لسنوات قبل أن يسقط مرة أخرى.
لم يكن ضمن أولويات أولئك المسؤولين، الطواف على بقية المدارس، خاصةً التي تبتعد عن وسط العاصمة، لمعرفة أوضاعها الحقيقية، ولم يحاول أي منهم، القيام بحملات تفتيشية، والانتباه لخطورة وفظاعة تلك الحوادث، لتجنب تكرارها.
انصبت جهودهم في الانتظار، ثم الشجب والاستنكار، وإعادة تأهيل الحائط أو المرحاض!
لكن يبقى السؤال الأهم الذي يحتاج إلى إجابة حقيقية، من المسؤول المباشر من هكذا خطأ؟ ومن يتحمل مسؤوليته مع وزيرة التربية والتعليم؟ هل وزير التربية والتعليم بولاية الخرطوم؟ أم مدير التعليم بالمنطقة؟ أم والي الخرطوم؟ أم مدير المدرسة الذي تركهم إلى أن انهارت عليهم الفصول؟
هل يتحمل الخطأ الجهة التي آلت إليها بناء هذه المدرسة؟ أم المهندس الذي أشرف على البناء؟ أم يا ترى يقع العبئ على “عامل البناء”؟!..
مثلما يكون الحزن كبيراً ثم يصغر، تكون نتائج الأخطاء في بلادنا هكذا، عظيمة وكبيرة لكنها تختفي بعد أيام من انتهاء مراسم الدفن!
التعليقات مغلقة.