:: ومن المحن، أقوال من نلقبهم بالمسؤولين لا تختلف كثيراُ عن أفعال من نلقبهم بالقطط السمان، أي كلهم شركاء في تأزيم الحال العام .. وعلى سبيل المثال، في الأسبوع الفائت، خاطب إبراهيم أحمد أونور – رئيس اللجنة الاقتصادية في الحوار الوطني – وسائل الإعلام بمنتهى اللامبالاة : (هنالك ستة بنوك على وشك إعلان الإفلاس).. مثل هذا التصريح الأشتر أخطر – على اقتصاد البلد والجهاز المصرفي – من أفعال القطط السمان.. ولو كان صادراً عن أحد المعارضين، لعاقبوه بقوانين ومحاكم أمن الدولة، ولكنه صادر عن أحد أبطال الحوار الوطني .. وكما تعلمون فإن هؤلاء – أيضاً – مرفوع عنهم العقاب ..!!
:: والمهم.. بكل صحف الأمس، توعد الدكتور أحمد بلال ، نائب رئيس مجلس الوزراء والناطق باسم الحكومة، القطط السمان بالمكافحة ووعد الناس بأن تتواصل حملات مكافحة الفساد بذات الجدية حتى يصبح السودان خالياً من الفساد والمفسدين .. وقديماً، خطب الإمام مالك بن دينار في الناس ذات جمعة، ثم أبلغ في الخطبة حتى بكى الناس جميعاً .. ثم صلى بهم، ولما فرغ من صلاته، بحث عن مصحفه ولم يجده، فصاح فيهم غاضباً : (ويحكم، كلكم يبكي فمن سرق المصحف؟).. وهكذا الحال في بلادنا.. أي، ويحكم، كلكم يُكافح يا بلال، فمن هم الذين أطعموا القطط لحد (التُخمة)..؟؟
:: فالشاهد، حسب وقائع تجاوزات المال العام في دول الدنيا والعالمين، وما لم يكن قد تم نهب أموال الناس والبلد ليلاً والسادة المسؤولون (نياماُ)، فإن وراء كل قط سمين مسؤولاً فاسداً أو رقيباً غافلاً .. نعم، لقد تسللت القطط – إلى حيث المال العام – ثم سمنت، ولكنها لم تتسلل من فوق الجدران كما يفعل لصوص الليل في الأحياء، بل تسللت عبر ثغرات من نلقبهم بالمسؤولين عن حماية المال العام، وتلك الثغرات إما ثغرة تواطؤ مسؤول أو ثغرة غفلة رقيب.. وأياً كان نوع الثغرة، فمن الخطأ الفادح أن تكتفي الحملة الراهنة بالقط السمين ثم تغض الطرف عن المسؤول (السمنو).. !!
:: وليس أحمد بلال وحده، بل منذ ستة أشهر، وهو عُمر الحملة على القطط السمان، أصبح كل السادة المسؤولين من المصلحين والمحاربين للفساد في وسائل الإعلام .. وهذا جميل .. ولكن الأجمل هو أن يسألوا أنفسهم – وبعضهم – السؤال المشروع : ( السمنهم منو؟)، أو هكذا تساءل المسرحي الشهير عوض شكبير مُعلقاً على الصخب الراهن قبل ستة أشهر تقريباً، ولم نجد الرد ( حتى الآن).. أي كيف – ومن – طرح العطاء الفاسد؟، و كيف – ومن – وقع على العقود الفاسدة؟، و كيف – ومتى – تم البيع والشراء غير القانوني؟، و.. و.. هكذا .. !!
:: فالقط السمين دائماً ما يكون طرفاً في العمليات والصفقات الفاسدة، ويجب أن ينال العقاب الرادع، وهذا ما لا خلاف عليه .. ولكن هذا لا يعني خلوهذه العمليات والصفقات من (الطرف الآخر)، أو كما يبدو الأمر (حتى الآن).. ولكي لا يكون الحدث طحناً بلا طحين، فالمطلوب التوغل في عمليات المكافحة لحد مساواة كل الأطراف أمام القانون .. فالكل يعلم بأن عمليات وصفقات و فساد القط السمان لم تكتمل إلا بعلم وأمر وموافقة الطرف المسؤول عن حماية المال العام، وهو الطرف الغائب حالياً، ليبقى السؤال المشروع : (أين هم الآن؟)..!!
التعليقات مغلقة.