الطاهر ساتي: فرق السُحت.. !!

:: ومن أخبار القطط السمان التي يجب يتولى أمرها النائب العام، سحب مجلس الأدوية ترخيص صيدليات الهلالي، ثم فتح تحقيق مع شركة دال الدوائية حول صفقة دواء سعودي تم بيعه – بشبهة فساد – إلى صندوق الدواء الدائري التابع لوزارة الصحة بولاية الخرطوم، وذلك بعد تخفيض سعرها بنسبة (52%).. وليس هناك ما يمنع شركة دال وغيرها عن تخفيض أسعار أدويتها لمرافق الحكومة، ولكن للأسف – كما قال تصريح مجلس الأدوية – فإن المواطن لم يستفد من هذا التخفيض.. فالمستفيد بعض الأفراد (قطط سمان)..!!

:: وقبل سرد الحدث، يجب التنبيه بأن قوانين حماية المستهلك لا تحمي المواطن من فساد الشركات وتواطؤ الوحدات الحكومية، إذ هي قوانين هزيلة، ولا تتجاوز عقوباتها غرامات قيمتها تشجّع المفسدين على المزيد من الفساد.. والمؤسف، منذ العام 2005، و إلى يومنا هذا، عجز البرلمان عن إجازة قانون حماية المستهلك.. ولأكثر مرة، تم إيداع مسودة القانون في البرلمان ثم تم سحبها، لأن هناك مراكز قوى أقوى من إرادة الدولة.. ولذلك تبقى المناشدة – لمولانا عمر أحمد محمد النائب العام – بإحالة هذه القضية وكل قضايا الأدوية إلى محكمة الفساد..!!

:: أما الحدث، أحياناً يُراجع مجلس الأدوية أسعار الأدوية ثم يُخفض أسعار بعضها، إذ هناك شركات تسجل أسعار أدويتها – في قوائم المجلس – كما يهوى الجشع والطمع.. (مثلاً)، قد يكون هناك صنف دوائي يُباع من المصنع للشركة الموردة بـ(3 دولارات)، ولكن وكيل الشركة الموردة بالسودان يسجل هذا الصنف في قوائم المجلس بـ(6 دولارات)، وهكذا يدفع المواطن ضعف السعر في غفلة الحكومة وضمير الوكيل.. وعندما يُراجع المجلس أسعار الأصناف ثم يُقرر تخفيض أسعار بعضها، فهذا يعني أن أسعار ما قبل التخفيض كانت (سُحتاً)..!!

:: ولتخفيض تكاليف العلاج على المنكوب المسمى بالمواطن، وبعد مراجعة أسعار التسجيل، أعلن مجلس الأدوية عن تخفيض أسعار بعض الأدوية – 222 دواء – بنسبة (30%)، وشملت مضادات وأدوية الأطفال.. والشركة الدوائية السعودية – وكيلها شركة دال الدوائية – من الشركات التي طال بعض أدويتها قرار تخفيض الأسعار بنسبة (30%).. ولكن رفضت الشركة السعودية – ووكيلها السوداني – تنفيذ قرار تخفيض الأسعار.. ولم تكتفِ بالرفض، بل خاطبت رئاسة الجمهورية بشكوى، وهذا لا يحدث إلا في السودان، حيث مراكز القوى أقوى من مؤسسية الدولة..!!

:: لو كانت هذه الشركة سودانية وتعمل بالسعودية، لما استطاع وكيلها بالرياض المرور بشارع الديوان الملكي، وناهيكم عن مخاطبة جلالة الملك بخطاب يرفض تنفيذ قرار السلطات الرقابية.. والمهم، للشركة السعودية دواء يسمى (روفيناك)، ويباع للمستهلك بـ(160 جنيهاً).. ولكن باع وكيلها بالسودان – شركة دال الدوائية – مائة ألف صندوق من هذا الدواء لوحدة تابعة لوزارة الصحة الولائية ومسماة بصندوق الدواء الدائري، وذلك بسعر (70 جنيهاً)، أي بنسبة تخفيض بلغت (52%) عما عليه في الصيدليات..!!

:: وبدلاً عن توزيعها للمرضى بهامش ربح مناسب، باع صندوق الدواء الدائري كل الكمية لصيدليات الهلالي، بسعر (75 جنيهاً)، وهذا مخالفٌ للقانون وغير أخلاقي.. ثم باعتها صيدليات الهلالي لأحد السماسرة بسعر (80 جنيهاً).. نعم، لسمسار.. ثم باعها السمسار لشركة توزيع تعمل بلا ترخيص بسعر (82 جنيهاً)، لتوزعها إلى صيدليات السودان، بحيث يباع للمنكوب المسمى بالمواطن بـ(160 جنيهاً).. وعليه، فإن فرق السُحت ما بين سعر الوكيل وسعر الصيدليات (80 جنيهاً)، أي بنسبة (100%)، ذهب لخزائن القطط السمان يا نيابة أمن الدولة.. !!
Tahersati@hotmail.com