-1-
في زمنٍ وجيزٍ وبكفاءةٍ سياسيةٍ عالية، أنجزَت الخرطومُ ما عجِزَ عن تحقيقه آخرون، ظنُّوا في أنفسهم حنكةً وقُوَّة.
رغم ما يُمكن أن يُقال عن احتمال تعرُّض الاتفاق الإطاري الذي وقَّعه الفرقاء بدولة الجنوب أمس لانتكاسة ثالثة، إلا أن ما يتوفَّر من عوامل النجاح يُعتبر الأكبر.
وجود السودان ضامناً وشريكاً، يُقوِّي فُرَص الاستمرار، ويُقلِّل من احتمال الفشل.
-2-
السودان يملك كثيراً من الأوراق والمفاتيح، التي تُؤهِّله للإسهام في تحقيق الاستقرار بدولة الجنوب، وفي دولٍ أُخرى بالإقليم.
يبدو أن هذه القناعة في حاجةٍ إلى زمن إضافي، لتُصبح راسخةً على وجه اليقين لدى جميع الأطراف المُتصارعة والمُراقِبة في دول الإقليم والمجتمع الدولي.
قد تكون هناك أصواتٌ نشاز راغبةٌ في التشويش على ما تم من إنجاز.
ومن غير المُستبعد أن تعمل أيادٍ لإفساد ما تحقَّق أو سرقته على حين غفلةٍ وسهو.
ما يحمي الاتفاق من التشويش والإفساد والسرقة، ما ترسَّخ من قناعة: لا يوجد طرفٌ يملك المقدرة على حسم الصراع لصالحه بالسلاح أو بالمؤمرات والمكائد.
-3-
حكومة سلفاكير لم تستطع خلال أربع سنوات، أن تُخرِجَ مشار من المعادلة السياسية، وأن تحدَّ من خطره العسكري إلى حدود اللامبالاة.
كذلك رياك مشار عجز عن تحقيق غايته في الوصول إلى السلطة وحكم دولة الجنوب، حسب نبوءة جده (نيقدينق)، وتحوَّلَ من زعيم إلى مُطارَد، ثم مُحتجَز على ذمَّة الإيقاد بجنوب إفريقيا.
الحكومة السودانية التي كان يرى بعض أطرافها أن استقرار دولة سلفاكير، يُهدِّد حدودها الجنوبية، باتت على قناعة بألّا خيار لتجاوز أزمتها الاقتصادية سوى استمرار تدفُّق النفط عبر أنبوب (عوض الجاز)، حتى تُغلِقَ باب الابتزاز.
-4-
إذا كان من خطر حقيقي يُنذر بعودة الحرب وتجدُّد الصراع، فهو تفاعل المكونات المحلية القبلية والعسكرية بصورة سالبة مع الاتفاق.
وثمة خطرٌ آخر قد يحضر في المعادلة ويُخلّ بحساباتها، وهو بروز أطماع إقليمية تجد في استمرار الصراع ما يُحقِّق أجندتها، فتُعجِّل بإهالة التراب على الطعام.
-أخيراً –
الحقيقة الكُبرى التي تقاوم التجاهل والتغافل، أن دور السودان الإقليمي غير قابلٍ للتجاوز والازدراء في جنوب السودان وفي ليبيا كذلك.
:::
التعليقات مغلقة.