باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

محمد لطيف: البشيرومهاتير .. والتجربة الماليزية !

تحليل سياسى

1٬136

بدءا أبشركم ونفسى بأن ما سأكتبه اليوم سيكون هو الموضوع الأكثر رفضا على الإطلاق .. وعلى غير العادة سيتسع نطاق رفض هذا الموضوع لتجتمع الحكومة والمعارضة على موقف واحد .. ربما لأول مرة .. وهو رفض هذا الذى سأطرحه اليوم .. ورغم ذلك سامضى فيه .. عسى الله أن يغيض لهذا الأمر عاقلا يجعله قابلا للتنفيذ ..!
فى الوقت الذى كان السودانيون .. فى الخرطوم وغيرها من المدن .. يصطفون فيه فى صفوف البحث عن الوقود .. وكل واحدٍ بين اليأس واليأس .. اليأس من أن يأتى الوقود .. ثم اليأس من أن يدركه من حيث يقف على بعد آلاف الأمتار من محطة التوزيع .. كان الماليزيون فى كوالالامبور وغيرها من المدن الأخرى .. يصطفون فى صفوف جد مختلفة .. صفوف اول ما يميزها أنها تخلو من السيارات والشاحنات والركشات وهلم جرا .. ثم إنها صفوف إختيارية .. و ليست إجبارية كصفوف البنزين .. يأتيها الواحد طائعا مختارا لممارسة حق .. والسعى لتحقيق أمل .. إذن كان الماليزيون يصطفون بين الأمل والرجاء .. أمل أن يعود اليهم مهاتير محمد .. صانع المعجزة الماليزية .. يعود اليهم حاكما كما كان .. ليجتث الفساد .. ويحقق الإستقرار السياسى .. وينجز الرفاه الإقتصادى .. والماليزيين كانوا يدركون أن ذلك كى يتحقق كان لا بد أن يعود مهاتير عبر صناديق الإقتراع .. وكانوا يعلمون أن تلك العودة لن تتحقق إلا عبر أصواتهم .. فبذلوها للرجل بسخاء ..متحملين العنت والعناء طواعية ..!
فعاد مهاتير الى سدة الحكم فى ماليزيا .. بأصوات الجماهير .. ولكن مهاتير لم يعد عبر إنتحابات تجديدية .. و لا حتى فى إنتخابات الفرصة الثانية مع كل ما يمكن أن يعتورها من شبهات .. بل عاد الى السلطة من موقع المعارضة .. وهذه هى المفاجأة الحقيقية .. التى أكدت قبل أن تؤكد عظمة مهاتير .. عظمة النظام السياسى .. و إستقراره وديمومته .. فالزعيم الذى غادر السلطة منذ سنوات .. بعد أن اسس حزبا ودولة .. عاد اليوم على رأس حزب معارض . حين شعر وشعر الماليزيون ان الحزب الذى أسسه قبل اكثر من ستين عاما قد إنحرف ..! فكان طبيعيا أن المعارضة التى راهنت على مهاتير .. تكسب الرهان ..!
و هذه هى التجربة الماليزية التى نعنيها اليوم .. ولما كان .. الجماعة .. هنا مغرمين بالتجربة الماليزية .. يشدون اليها الرحال كل يوم .. ولم ينقلوا منها شيئا مفيدا حتى اليوم .. غير الأثاث .. وفرص السياحة والتسوق .. فإننى أقترح عليهم أن ينقلوا تجربة التنافس السياسى هناك .. فيخوض رئيس الحزب الحاكم هنا الإنتخابات على رأس المعارضة .. الحكمة أن أصغر نائب برلمانى فاز فى الإنتخابات الماليزية عمره 22 عاما فقط .. وهم من أنصار مهاتير .. وهنا .. هذه على الأقل واحدة من مطالب رئيس الحزب الحاكم .. وأنا اعترف أن هذا الإقتراح يشبه ذلك المصطلح الذى يسميه الشيوعيون بالهبوط الناعم .. ويمقتونه أشد المقت .. ويرفعون مقابله شعار إجتثاث النظام من جذوره .. غير أن بعض المعارضة لا تحبذ المواجهة والإقصاء .. وتفضل التنحى أو التنازل .. واعتقد أن التجربة الماليزية تقدم حلا وسطا على كل حال .. والمؤكد أن الحزب الحاكم .. ولأول مرة سيتفق مع الحزب الشيوعى فى رفض هذا المقترح .. الذى يطيح به .. ألم اقل لكم .. لن ترضى عنا اليهود ولا النصارى ..؟!

التعليقات مغلقة.

error: