بَاتَ كل شيء محفوظاً، ويُمكن لأحدنا أن يعيد قراءة نشرة أخبار كاملة أُذيعت قبل أعوامٍ لكنها تُواكب أحداث اليوم تماماً.
هذه الأيام يزور الخبير المُستقل لحُقُوق الإنسان، السودان، جولات ولقاءات وزيارات، ثم تنتهي الزيارة بالمحفوظ من كتاب المبعوثين الدوليين أو الأمميين، وهو حَث الحكومة على بذل المزيد من الجُهُود للتقدم في ملف حقوق الإنسان، وهناك تحسُّنٌ طفيفٌ لكن مطلوب عمل أكبر. وسوف ترد الحكومة بأنّها مُلتزمة بالمواثيق الدولية فيما يلي حُقُوق الإنسان.
في عام 2014م تفاجأ الرأي العام بأنّ وزارة العدل خدعتهم ولم تُشكِّل لجنة لضحايا احتجاجات سبتمبر 2013، كما تفاجأ العالم الذي ينتظر التقرير الحكومي بشأن ذلك، ويستفسر عنه الخبير المستقل – وقتها – مسعود بدرين خلال زياراته للسودان ويُصر عليه، ففيما ينتظر المجتمع الدولي بكامل مُؤسّساته النتائج التي تَوصّل لها التحقيق بشأن ضحايا أحداث سبتمبر 2013م، فاجأنا وكيل وزارة العدل وقتذاك أمام البرلمان وأعلن أنّ الوزارة في الأساس لم تُشكِّل لجنة لضحايا سبتمبر إنّما اللجنة التي تمّ تشكيلها كانت لحصر الخسائر في المُمتلكات.
الوضع الآن، كما هو عليه منذ سنوات، صحيحٌ أنّ السُّلطات أطلقت سراح المُعتقلين السِّياسيين، بينما لا يزال هناك كُثرٌ، قضاياهم غير معروفةٍ، زاد عليهم المُعتقلون على ذمة قضايا فساد ولم يقدّموا لمحاكمات ولم تُوجّه لهم تُهمٌ.
إعمال الإجراءات الأمنية الصارمة في قضايا جنائية يُوحي بأنّ الحملة ضد الفساد التي بدأت منذ عودة قوش لرئاسة الجهاز لا تعدو كونها مُوجّهة وليس مبدئية ضد الفساد.
الصحافة. لا تزال تُواجه القمع، بل أنّ صحفاً بعينها، ممنوعة من الخوض في ملفات بعينها.
على كُلٍّ، الحكومة مُطالبة بالإجابة على أسئلة واستفسارات الخبير المُستقل وسوف تفلت كعادتها، ولها في ذلك سِجِلٌ حافلٌ في الإفلات، وسوف يحمل الخبير المُستقل تقريره ويرفعه لجهات الاختصاص الدولية، وسَوف تَستخدمه ابتزازاً وقت الحاجة.
صحيحٌ أنّ قضايا الحُقوق والحُريات ليست شأناً داخلياً، لكن هذا ما أضرّ بالحُقُوق، المُجتمع الدولي يستخدم الحُقُوق والحُريات كروت ابتزاز، يشهرها أمام هذا ويخفضها عن ذاك.
التيار
التعليقات مغلقة.