باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
Baraka Ins 1135*120

بعد انكشاف تورطها في السودان.. نشاط دبلوماسي أوكراني لاحتواء الفضيحة

316

الخرطوم: باج نيوز

 

بقع حمراء طاهرة على رمال ساخنة غيرت لون الأرض وصبغتها بالأحمر، مجموعات من أجساد بشرية لأطفال ونساء متناثرة على نطاق واسع من منزل إلى منزل وبجوار مركبات عسكرية. هكذا بدت مدينة الفاشر من الفضاء بعد ساعات فقط من السيطرة عليها من قبل ميليشيا الدعم السريع يوم 26 أكتوبر الماضي وذلك وفقا لتقرير أصدره مختبر الشؤون الإنسانية بجامعة ييل الأميركية معتمداً على صور الأقمار الصناعية والبيانات المفتوحة المصدر لتحليل الأحداث التي أعقبت السقوط.

ومع اتساع رقعة العنف، تُتهم الدعم السريع بشن حملة عسكرية واسعة بمساعدة مرتزقة أجانب نفذت خلالها مجازر ممنهجة في دارفور وكردفان، ووُصفت بأنها تطهير عرقي بحق قبائل عديدة أبرزها المساليت. مما أدى لمقتل آلاف المدنيين خلال أيام قليلة، ونزوح أكثر من 62 ألف شخص في أقل من 4 أيام، في حين بقي نحو 177 ألفا عالقين تحت الحصار دون ممرات آمنة أو مساعدات.

ويأتي ذلك، بعد أكثر من عام على انتشار تقارير موثقة عن مشاركة مرتزقة أوكران وكولومبيين وأفارقة بالقتال في صفوف ميليشيا الدعم ضد الجيش السوداني، وبعد أيام قليلة من صدور دعوات من جهات رسمية وحزبية سودانية تطالب بتحقيق شامل بملف تجنيد مرتزقة أجانب بالحرب في السودان ومحاسبة المتورطين.

وبحسب بعض المراقبين، فإن الوقع السيئ للفظائع والمجازر التي ارتكبتها ميليشا الدعم السريع بالفاشر على الرأي العام العالمي، بالتزامن مع التقارير التي تحدثت عن مشاركة مرتزقة أوكران وأجانب بتلك الأحداث دفع كييف وقيادتها وداعميها للتحرك بشكل عاجل لـ “لملمة” الفضيحة والتخلص من ورطة جرائم الحرب.

 

تحركات سياسية أوكرانية للتخلص من فضيحة الفاشر

في سياق متصل، أجرى السفير الأوكراني في القاهرة ميكولا ناهورني زيارة رسمية للسفارة السودانية في مصر. حيث التقى ناهورني السفير عماد الدين مصطفى عدوي – سفير جمهورية السودان لدى مصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية.

وبحسب مصادر صحفية، سيطر الملف الأمني والسياسي على أجندة اللقاء، حيث تبادل السفيران الرؤى حول تطورات الحرب الدائرة في كل من السودان، وتناول النقاش عدة نقاط منها، استعراض الجهود الدولية المبذولة بالتنسيق مع الشركاء الدوليين لإنهاء النزاعات، وأكد “ناهورني” رغبة بلاده في تعزيز علاقاتها مع السودان وتوسيع التعاون.

وكان السكرتير الثاني في سفارة أوكرانيا بالقاهرة فلاديسلاف رودنيك قد سارع بوقت سابق لنفي الاتهامات التي وجهتها السلطات السودانية والقوات المشتركة الشهر الماضي بشأن مشاركة قوات أوكرانية في القتال إلى جانب مليشيا الدعم السريع، معتبراً بأن تلك الاتهامات مجرد “بروباغندا” تهدف – بحسب قوله – إلى تشتيت تركيز المجتمع الدولي عن تراجع القوات السودانية ميدانيًا. مضيفاً بأن المرتزقة الذين يقاتلون ضمن صفوف الدعم السريع ينحدرون من كولومبيا وجنوب السودان وتشاد، وأن أي وصول لمعدات أو أفراد أوكران إلى السودان يتم عبر شركات خاصة وليس عبر الدولة.

ويعتبر الحراك الدبلوماسي الأوكراني والنشاط الإعلامي لاحتواء ملف المرتزقة الأوكران في السودان، هو الأول من نوعه بعد مرور أكثر من عام على انتشار تقارير استخباراتية وإعلامية صادرة عن جهات رسمية وغير رسمية محلية ودولية حول تورط قوات أوكرانية ومرتزقة أجانب بالقتال إلى جانب ميليشيا “الدعم السريع” ضد الجيش السوداني في الصراع الدائر في البلاد منذ أبريل 2023 دون أي تعليق أو نفي رسمي من قبل حكومة كييف لهذه المعلومات.

 

قيادة القوات المشتركة: مرتزقة أوكران بصفوف “الدعم السريع” شاركوا بأحداث الفاشر

في سياق متصل، أكد الفريق إبراهيم الماظ دينق القيادي في القوات المشتركة ومستشار رئيس حركة العدل والمساواة للشؤون الأهلية والمجتمعية، وجود مرتزقة أوكرانيين يقاتلون داخل الفاشر ضمن صفوف الميليشيات مطالبا حكومة وشعب أوكرانيا بسحب مواطنيهم فوراً من الأراضي السودانية.

 

الحرب

وقال دينق: “إن وجود هؤلاء الأشخاص في صفوف ميليشيا الدعم السريع هو اعتداء على سيادة السودان وأمنه القومي وسيقوم الجيش والقوات المشتركة والقوات المساندة بملاحقتهم أينما كانوا”. مشيراً إلى أن الاتهامات استندت إلى أدلة ملموسة، على حد تعبيره، والتي تضمنت ملفات ووثائق وهواتف نقالة تم الاستيلاء عليها من المقاتلين القتلى والأسرى الذين تبين انهم من اوكرانيا وكولومبيا.

وحمّل الفريق الماظ الإمارات بشكل خاص مسؤولية الرعاية والدعم اللوجستي لتنظيم تدفق المقاتلين الأجانب والمتخصصين الأجانب، مما سمح لميليشيا الدعم السريع بتجديد صفوفها وتسهيل الحصول على التكنولوجيا المتقدمة في المعدات العسكرية والأسلحة.

وكان المتحدث الرسمي باسم القوات المشتركة “الشهيد” العقيد أحمد حسين مصطفى، قد كشف في وقت سابق عن تورط مرتزقة أوكرانيين في العمليات العسكرية التي تنفذها ميليشيا الدعم السريع في إقليم دارفور وبالفاشر تحديداً. وأشار مصطفى إلى أن هؤلاء المرتزقة يعملون كخبراء في المدفعية الثقيلة والطائرات المسيّرة، والتي تُستخدم بشكل مباشر في استهداف المدن والمناطق السكنية، مما يسبب خسائر فادحة وسط المدنيين.

ويأتي تصريح العقيد مصطفى تأكيداً للبيان الذي أصدره الجيش السوداني في وقت سابق، والذي أعلن فيه مقتل عدد كبير من المرتزقة الأجانب، بينهم أوكرانيون وكولومبيون، خلال محاولة هجوم فاشلة على مدينة الفاشر في 30 سبتمبر. وأكد البيان أن المرتزقة يشغلون مهام فنية متقدمة في تشغيل الطائرات المسيّرة وتوجيه المدفعية، وهو مؤشر خطير على تصاعد التدخل الأجنبي في النزاع السوداني.

وكانت منصة القدرات العسكرية السودانية قد أكدت في بيان سابق لها حول أحداث الفاشر، بأن المعلومات الميدانية تؤكد مشاركة عناصر مرتزقة من دول مثل “كولومبيا وأوكرانيا قاتلت خارج إطار الدولة” بالإضافة لمرتزقة من جنوب السودان وإفريقيا الوسطى وتشاد ومالي والنيجر في العمليات القتالية التي جرت داخل المدينة، معتبرة بأن ما جرى في الفاشر ليس إلا مظهراً من مظاهر الحرب بالوكالة التي تُدار ضد السودان عبر أدوات مأجورة وعناصر أجنبية تعمل تحت غطاء مليشياوي، في تجاوز صريح لكل قواعد القانون الدولي.

 

خبراء: النشاط الدبلوماسي الأوكراني يؤكد تورط كييف بالقتال في السودان

وبحسب بعض الخبراء والمراقبين للشأن السوداني فإن الحراك الدبلوماسي الملحوظ لكييف وتقربها من الحكومة السودانية يشير إلى نقطتين أساسيتين أولها، هو النشاط الأوكراني بعد فضح مجازر الفاشر لتورط مرتزقة أوكران وأجانب بالقتال إلى جانب الدعم السريع، دفع قيادة كييف للمسارعة باحتواء الموقف وإبعاد الشبهات عنها. ثانياً لو أن كييف فعلاً غير متورطة بالصراع الدائر في السودان لكانت تجاهلت الاتهامات الموحهة لها بشكل كامل، أو اكتفت بيان نفي دون الحاجة للزيارات الدبلوماسية والتواصل مع الحكومة السودانية.

ثالثاً، فقد أكد بعض الخبراء بأن النفي الأوكراني يدل بشكل مبطن على أن الخبراء العسكريين الأوكران المتواجدين في السودان هم ليسوا مجرد مرتزقة، بل يتبعون بشكل مباشر للقوات والاستخبارات العسكرية الأوكرانية، لأنه بخلاف ذلك كان من الممكن أن يقول السفير الأوكراني رودنيك بأنهم مجرد مرتزقة وليس لنا أي علاقة بهم.

 

ضبط مرتزقة كولومبيين يقاتلون مع الدعم السريع

ويشار إلى أن صحيفة “لاسيلا فاسيا” الكولومبية قد كشفت في اذار الماضي، عن وجود مرتزقة كولومبيين يقاتلون إلى جانب ميليشيا الدعم السريع في السودان ويتقاضون رواتب من الإمارات العربية المتحدة.

في السياق ذاته، كان الممثل الخاص لأوكرانيا في الشرق الأوسط وأفريقيا مكسيم صبح، قد قال في فبراير 2024 لـ”العربي الجديد”، بأن “بعض المواطنين الأوكرانيين يشاركون في الصراع بشكل منفرد بالسودان، إلى جانب قوات الدعم السريع. ومعظم المقاتلين الأوكران هم من المتخصصين التقنيين”.

 

 

 

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

error: