بعيدآ عن اسباب و مبررات إرسال جنودنا للقتال في اليمن ؛ فإنه كان من المهم دراسة طبيعة هذه العملية العسكرية ، بأبعادها اللوجستية ، و طبيعة ساحة المعركة ، و العدو و قدراته المادية و المعنوية قبل إتخاذ قرار المشاركة .و لعل أهم أبعاد هذه الدراسة الأولية هو : التاريخ ! فكل دراسة علمية تنطلق من مراجعة الدراسات السابقة التي رصدت الحالات المشابهة أو التي جرت في الحقل المشترك للدراسة . و هو هنا في حالتنا : الساحة اليمنية . و لا نعتقد إبتداءآ ، خلو المؤسسة الأكاديمية العسكرية العليا السودانية ، من دراسة لحرب اليمن 1962 و التي دارت بين الجمهوريين و نظام الدولة المتوكلية آنذاك . فقد إستعان الجمهوريون بالنظام المصري ، و بالفعل فقد أرسلت مصر الناصرية و بدافع التقدمية و محاربة الرجعية جنودها لنصرة الجمهوريين . و قد واجهت هولاء الجنود تحديات عظيمة : التضاريس القاسية ، و عدم المعرفة بها . و كذلك طبيعة المقاتل اليمني و شراسته ، فضلآ عن وقوف بيئته الى جانبه . و إشكالات لوجستية .
الأمر الآخر و هو أن العمليات الجوية لا يمكنها حسم المعارك ، فهو متعلق _ أي الحسم _ بالعمل على ما يجري على الأرض . و على الرغم من الإسناد اللوجستي الكبير الذي وفرته السعودية ، فإن ذات التحديات السابقة تظل ماثلة _ في واقع اليوم _رغم التطور التقني في مستوى الأسلحة و الإسناد الكبير . بل يضاف لها العقائدية التي يتمتع بها تنظيم انصار الله و التأييد الشعبي الكبير الذي يجدونه لسببين ، هما : تصدي انصار الله لهيمنة قبيلة حاشد و التي هيمنت على الجيش و الحياة السياسية من خلال اسرة آل الأحمر و الرئيس علي عبدالله صالح . وقد أذاقت هذه القبيلة اليمنيين الأمرين ، و أخضعت اليمن للهيمنة السعودية ، حيث ثبتت إتفاقية جدة في يونيو ٢٠٠٠، ترسيم الحدود الذي تم في معاهدة الطائف ١٩٣٤و التي كانت مجحفة في حق اليمن .كما أن النظام اليمني قد أشرع أبواب اليمن للوهابية في بلد يدين أهله بالمذهب الزيدي و الشافعي الأشعري . ومن ذلك أنه تم تأسيس مركز ديني وهابي ، لصالح الشيخ هادي بن مقبل الواذعي بمنطقة ذمار في عمق منطقة صعدة معقل قبيلة حوث . مع ما يمثله ذلك من إستفزاز عقائدي ، و كلنا يذكر المعارك التي دارت في هذه المنطقة . كما يعتقد اليمنيون أن وقوع نظام علي عبدالله صالح تحت الهيمنة السعودية و الرشاوى التي تدفعها السعودية لحلفائهم آل الأحمر و النظام السابق ؛ قد منع اليمنيين من إستغلال ثرواتهم المخبوءة تحت الأرض في المناطق الصحراوية على الحدود المشتركة في صحراء الربع الخالي . لذلك لا يظن احد أن جماعة انصار الله هي جماعة معزولة من التأييد الداخلي ، إذ لا يمكن تصور وقوف جماعة _ مهما علا شأنها و قدراتها _في وجه آلة حربية دولية، و لثلاث سنوات دون سند داخلي واسع .
يخبرنا تاريخ اليمن بأنه كان مقبرة و مصيدة للغزاة .و لم يسلم منه أحد ، حتى آل سعود الذين تخلوا عن أطماعهم في ضم اليمن إبان الحروب التوسعية لعبد العزيز آل سعود في شبه الجزيرة العربية ، لذات الأسباب التي أوردناها في مفتتح مقالنا .
ينبغي أن يتم إتخاذ قرار سحب قواتنا من اليمن اليوم قبل الغد . فالنتائج ستكون كارثية سنفقد فيها أرواحآ عزيزة ، بل و ستترك أثرآ معنويآ سالبآ في ذاكرة الجيش الوطني . تهتز معه الثقة في قدراته القتالية ، فالهزائم لا تنسى !
عاجل
- رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن فوز ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية
- الجيش يبسط سيطرته على الدندر
- استشهاد قائد منطقة البطانة العميد أحمد شاع الدين
- البرهان يتفقد المواطنيين بمدينة أمدرمان
- طيران الجيش يقصف مواقع تجمعات قوات الدعم السريع شرق الفاشر
- السودان.. إسقاط مسيرات في مدينة كوستي
- السودان.. حرق برج الاتصالات في الخرطوم
- حميدتي يقيل مستشاره يوسف عزّت
- الجيش يصدّ هجومًا للدعم السريع على مدينة سنار
- السودان..إسقاط مسيرات في كوستي
التعليقات مغلقة.