الخرطوم: وكالات
الخرطوم مدينة لا تعرف «الربيع»، فهي تنتقل من فصل شتاء جاف قصير إلى صيف حار، بل طويل وحار جداً، يعقبه خريف مطير ورطب، لكن المدينة التي تغفو على حضن النيل تنتهز المواقيت لتحتفل بـ«زهور الربيع»، وتقيم لها معرضاً سنوياً حين تأتي المواقيت.
طوال الأسبوع الحالي، ظل الناس يتوجهون وحداناً وزرافات، عشاقاً وحبيبات، إلى «الحديقة النباتية» بمنطقة «المقرن»، غرب المدينة، ليشهدوا الزهر في عيده، والخضرة في مظانها، وليتقوا لفح حر النهار، مستظلين بالأشجار ورذاذ الماء الذي ينتثر من بتلات الزهر والورد وأوراق أشجار الزينة البديعة، وليستنشقوا عطر أكمام الورد.
ويشارك 175 مشتلاً للزهر وأشجار الزينة، وشركات محلية ودولية مختصة بالزينة الخضراء والزهور والورود الملونة، منها 8 شركات محلية، تقدم الأشجار السودانية والمستوردة، وتستولد سلالات جديدة، لتجمل للناس حياتهم. وتهتم الدوائر الرسمية بعيد الزهر، لذلك شارك وزير الزراعة عبد اللطيف عجيمي، والسفير الياباني في الخرطوم شينجي أورابيا تشي، في افتتاح المعرض، السبت الماضي.
ويضم المعرض أنواعاً وسلالات كثيرة من الزهور والورود وأشجار الزينة والصباريات والنخيليات النادرة، تعرض ليستمع بخضرتها وألوانها وشذاها زوار المعرض، وليشتري الراغبون القادرون منهم ما يزينون به منازلهم وحيواتهم.
في المعرض، تتجاور الشجيرات الخضراء مع أدوات زراعة نباتات الزينة في المنازل، وأقسام للإكسسوارات والأشغال اليدوية الشعبية وأنواع نادرة من الطيور، وكل ما يمكن أن يسهم في صناعة «حديقة جميلة» تشقشق فيها الطيور، وتغشاها أسراب النحل والفراشات.
ويقبل الجمهور على المكان بشكل متزايد، لا سيما أن أنشطة مسرحية وغنائية وموسيقية وتشكيلية تقام يومياً على هامش المعرض، ما يجعل منه مكاناً يجد فيه عشاق الجمال كل ما يتمنونه.
ويستمر معرض هذا العام لثلاثة أسابيع، تتخللها مسابقات في تنسيق الحدائق المنزلية والزهور على الطريقة اليابانية، لأنواع مختلفة من الزهور والورود، إلى جانب أشجار فواكه وحمضيات، ونخيليات وصباريات، وهو واحد من سلسلة معارض درجت جمعيته على تنظيمها موسمياً، مثل «زهور الخريف» أكتوبر، و«مهرجان المانجو» يونيو، وخصصت بجانبها زاويا للفلكلور السوداني والأشغال اليدوية.
ويقول عمر عبد الرحيم، ممثل معرض شركة نخيليات، إنهم حولوا ولعهم بأشجار الزينة إلى استثمار، يقدمون خلاله للناس أنواعاً مختلفة من النخيليات والصنوبريات، يستوردونها من مناطق مختلفة من العالم، لتلقى رواجاً كبيراً بين الزوار.
ويضيف: «أسعار النخيليات والصنوبريات مرتفعة لأنها تحتاج لفترة طويلة من الرعاية، وأصغر واحدة منها تحتاج لأكثر من عام لتنمو، لذلك تشتريها الشركات والأغنياء».
وحسب عبد الرحيم، تتراوح أسعار الأشجار بين 5 آلاف جنيه لشجرة «جوز الهند» و300 جنيه لأشجار أخرى (الدولار = 28 جنيهاً)، وقد تأثرت سوق الزينة بقرارات وقف الاستيراد. يقول عبد الرحيم: «نجلب أشجاراً استوائية، وماليزية ومصرية، ونكاثرها محلياً لنبيع لزبائننا».
أما الصنوبريات، وأشهرها «الكرة الذهبية»، فيضيف: «هي استثمار بطيء، لأن ما تحتاجه من عناية وما يبذل من جهد وزمن عليها يجعل من أسعارها رخيصة مهما غالينا فيها».
محمد حسين عوض الله، مدير مبيعات مزرعة «شركة سكر كنانة» الحكومية، يقول إن الشركة شرعت في استجلاب أصول نباتات زينة داخلية من خارج البلاد، وتعمل على تكاثرها داخلياً، وإعادة بيعها للجمهور وأصحاب المشاتل.
وتستزرع كنانة أكثر من 114 نوعاً من نباتات الزينة الداخلية، باعتبارها الشركة الوطنية الوحيدة التي تعمل في هذا المجال، يقول عوض الله: «من أنواع نباتات الزينة الداخلية التي نستزرعها: سايكس وألو كيريا ويفن بافيا وكوديوم، بمختلف أنواعها، والغرض من ذلك نشر الوعي الأخضر، وتربية شتول الزينة الداخلية».
ويرى عوض الله أن الاستثمار في نباتات الزينة استثمار «مربح»، ويضيف: «الناس يتمتعون بذوق رفيع، ويطمحون للمعرفة، لذلك نقدم لهم المعرفة وما ينمي ذوقهم، ولقد بعنا في الأيام الثلاثة الأولى من المعرض أكثر من 120 ألف شتلة».
وتنظم جمعية فلاحة البساتين السودانية منذ تأسيسها في 1934 معارض سنوية، وذلك مواصلة لنهج معارض الزهور والورود التي كانت تقام داخل قصر الحاكم العام البريطاني منذ 1930، ولم تنقطع المعارض إلا فترات قصيرة، ليبلغ عمر معارض الزهور في السودان 89 عاماً.
نقلاً عن “الشرق الأوسط”
التعليقات مغلقة.