الخرطوم: باج نيوز
بصوتٍ قلق، اتصل مسؤول – يملك مشروع كبير- بأحد أصدقائه من رجال الأعمال ليعرض عليه (بيع شيك مؤجل) مقابل توفير سيولة، حتى يتمكن من دفع أجور العامليين في مشروعه وبعض المستلزمات الأخرى..
المشهد ليس من وحي الخيال، إنما بات أمراً واقعاً في الأسواق السودانية إثر الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي بتحجيم الكتلة النقدية مقابل استقرار سعر الصرف.
هذه الإجراءات أيضاً، أزاحت النقاب عن كثير من الظواهر المصاحبة، مثل تجارة بيع الشيكات المؤجلة لبعض رجال الأعمال والتجار الذين يمتلكون سيولة في أيديهم مقابل نسبة ربح عند صرف الشيك وهو ما يعرف بتجارة الشيكات.
ولم تكن تجارة الشيكات هي الظاهرة الوحيدة التي خرجت من رحم السياسات الاقتصادية الأخيرة، إنما انتعشت تجارات أخرى طالها الركود لفترة طويلة مثل تجارة الأراضي والعقارات.
الموظف بمكتب العقارات بمنطقة جبرة أمير السر، أكد وجود إقبال على بيع الأراضي من قبل عدد كبير من التجار الراغبين في الحصول على سيولة في أيديهم.
وأشار السر لـ(باج نيوز) إلى وجود قوة شرائية جيدة للأراضي والعقارات خلال هذه الفترة سيما وأن عدد كبير من التجار عمل على تخفيض سعر العقارات من أجل الحصول على سيولة.
من جهة أخرى انتعشت أسواق بيع “الخزنة الحديدية” بعد أن عزف عملاء المصارف عن إيداع الأموال في البنوك وتفضيلهم الاحتفاظ بها داخل خزن حديدية في المنازل أو محلاتهم التجارية.
بيد أن ظاهرة بيع الشيكات المؤجلة تظل الأقوى تأثيراً على مجريات الإقتصاد القومي حيث يصف الخبير الاقتصادي د.محمد الناير، الظاهرة بـ”السالبة” والتي تعد نوعاً من الفساد كما يراها.
وقال الناير لـ(باج نيوز) إن سياسية تحجيم السيولة ليست هي السياسة المُثلى لتصحيح أوضاع سعر الصرف لجهة ارتباطها بعدد من الظواهر التي ترتقي لجرائم الفساد بما يحتم على الدولة مكافحتها.
ويرى الناير، إن الرؤية الأمثل تكمن في تفعيل منظومة الدفع الإلكتروني من خلال استخدام الدفع عبر الموبايل والذي يحتاج إلى جهد من الدولة حتى إذا اضطرت إلى توزيع نقاط البيع على محلات بيع السلع والخدمات مجاناً.
وأشار إلى أن الدفع عبر الموبايل يضمن وصول الكتلة النقدية إلى الجهاز المصرفي دون أن يؤثر على المواطن ويقلل من السيولة في أيدي المواطنين علاوة على أنه يقلل من طباعة العملة.
بعد كل ذلك، برزت مطالبات لدى الموظفين بإيداع مرتباتهم لدى “المحاسب” لتقليل مشاق الذهاب إلى البنوك والصرافات الآلية..!
التعليقات مغلقة.