مزمل أبو القاسم يكتب : زبيدة قيت (5)
* لم تنحصر الآثار الكارثية لصفقة (زبيدة قيت) على انتهاك قانون الشراء والتعاقد بعدم إشهار عطاء، ولا على هدر المال العام بنفخ قيمة العقد في خطاب الاعتماد العامر بالأخطاء الفادحة والفساد المعلن، بل تعدته ليتضرر منها كل مزارعي السودان.. بلا استثناء.
* يوم أمس الأول أقدم البنك الزراعي السوداني (مكمن الفساد وبؤرة التجاوزات المتصلة بالمال العام) على رفع سعر جوال سماد اليوريا من 12 إلى 18 ألف جنيه، بزيادة بلغت نسبتها خمسين في المائة، كما زاد سعر جوال الداب من 17 إلى 23 ألفاً، بزيادة بلغت نسبتها أكثر من 35%!
* ذلك يعني ببساطة زيادة كلفة الإنتاج لموسم زراعي مهدد في الأصل بالفشل، تبعاً لعجز البنك الزراعي عن توفير الأسمدة للمزارعين، بعد أن أصيبت الصفقة الفاسدة بفشل سارت بذكره الركبان.
* معلوم للكافة أن المزراعين شكوا وبكوا من ارتفاع تكاليف الزراعة تبعاً للارتفاع المهول في أسعار كل المدخلات، بما فيها الجازولين والتقاوى والمخصبات والمبيدات والآليات الزراعية.
* الحل الوحيد لتجاوز معضلة ارتفاع كلفة الإنتاج الزراعي يكمن زيادة معدل إنتاج الفدان، وتلك الغاية باتت مستحيلة في ظل شُح الأسمدة، وارتفاع أسعارها.
* قبل فترة نشرت منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الغذاء تقريراً أكدت فيه أن السودان مهدد بالمجاعة ضمن 16 دولة (هي فنزويلا وهاييتي وإثيوبيا والصومال والكاميرون وإفريقيا الوسطى ومالي والنيجر وسيراليون والكونغو الديمقراطية وموزمبيق وزيمبابوي ولبنان وسوريا وأفغانستان).
* تسبب شُح الأسمدة وارتفاع أسعار المدخلات الزراعية في فشل الموسم الصيفي، وفي الغالب سيمتد الفشل إلى الموسم الشتوي، تبعاً للتعثر الواضح، والفساد القبيح الذي شاب عقد البنك الزراعي السوداني مع شركة زبيدة.
* أمس نشرت هذه الصحيفة خبراً بالغ الخطورة، يفيد أن البنك الزراعي أقدم على زيادة سعر طن السماد لشركة زبيدة بنسبة (41.4%)، بمخالفة بينِّة وفساد جديد، يزدري نصوص العقد الذي يربط البنك بالشركة.
* نص العقد على أن يشتري البنك طن سماد الداب من زبيدة بستمائة وخمسة عشر دولاراً، وإذا اعتمدنا الزيادة التي نشرتها الصحيفة سيرتفع سعر الطن إلى 870 دولاراً.
* الحسبة الصحيحة تشير إلى أن الزيادة أكثر من الذي أعلنته اليوم التالي بكثير، لأن العقد نصَّ على أن تنال الشركة عشرة في المائة من قيمة الصفقة مقدماً، وأن يتم فتح خطاب اعتماد (غير معزز) للتسعين في المائة المتبقية.
* ما حدث أن إدارة البنك الزراعي أقدمت وبجرأة غريبة وعجيبة على فتح الاعتماد بنسبة (100%) حتى بعد أن سددت عشرة في المائة من قيمة الصفقة لزبيدة كاش ومقدماً، وذلك يعني ببساطة أن البنك الزراعي رفع سعر طن سماد الداب إلى (967) دولاراً، بينما نص العقد الأصلي على (615) دولار للطن!
* نفخوا سعر الطن في خطاب الاعتماد بنسبة تقارب الستين في المائة، وضخموا قيمة الشحنة الراسية في ميناء بورتسودان من (18) مليوناً وأربعمائة وخمسين ألف دولار إلى أكثر من 29 مليون دولار بقليل.
* هل عرفتم لماذا أقدم البنك الزراعي فجأة على رفع أسعار السماد؟
* بمنتهى البساطة.. بل والوقاحة قدَّم البنك الزراعي السوداني أكثر من عشرة ملايين وخمسمائة ألف دولار، هوادة فوق البيعة لشركة زبيدة، مكافأةً لها على (فشلها) في استيراد الأسمدة!
* حدث ذلك في دولة يطحن أهلها الفقر والغلاء، وتفتقر مستشفياتها لأبسط مقومات العلاج، وتشكو من غياب أدوية الأطفال والأدوية المنقذة للحياة.
* لو وقعت تلك الجريمة المروعة في أي دولة تحوي نظاماً عدلياً فعالاً وسلطة تنفيذية مسئولة وحريصة على صيانة المال العام لاهتزت لها الأرض ولطارت لها الرقاب، ولضاقت السجون بكل من زجوا بأصابعهم في الصفقة المتعفنة.
* نسأل سعادة الدكتور عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء الذي استغل أبطال (زبيدة قيت) اسمه في الترويج للصفقة المضروبة، ألم يبلغك نبأ الكارثة، فلماذا تصمت عنها بعد أن استغلوا اسمك في الترويج لها؟
* استدعى د. حمدوك مبارك أردول مدير الشركة السودانية للموراد المعدنية لمساءلته على مبلغ (92) مليون جنيه، تساوي مائتي ألف دولار.. فكيف يتجاهل صفقة فاسدة قيمتها (95) مليون دولار؟
* سيدي رئيس الوزراء.. (زبيدة قيت) تسعة بالغة الطول والضخامة.. ناقصة الموتر!!
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.