تقرير: باج نيوز
شارفت ثورة 19 ديسمبر 2019 المجيدة في السودان على انقضاء عامين من لحظة إندلاعها في أغلب مدن السودان، و نجحت في الإطاحة بنظام البشير و زمرة حزبه حيث أودت بهم إلى محاكم الشعب قبل القضاء الذي ينظر في ملفاتهم ويرى كثيرون أنها تمضي بسلحفائية في غياب العدالة الناجزة والمُحاكمات الفورية، ورغم التغيير الذي حدث إلا أن الوضع الراهن مازال لا دون طموحات الشعب في ظل انتهاكات متكررة في العديد من الجوانب آخرها الإعتداء على الصحفي “علي الدالي” من قبل “5” أفراد ينتمون إلى الاستخبارات العسكرية التابعة للقوات المسلحة.
الإعتداء على “الدالي”
في تطور مفاجئ تحولت جلسة لتناول كوب من الشاى بين الصحفي علي الدالي واثنان من ضيوفه إلى مواجهة كلامية بينه وعناصر من هيئة الاستخبارات العسكرية طالبوهم بمغادرة المكان أو انتزاع لوحات سيارتهم وعند رفضهم نزع لوحات السيارة واخطارهم بأن أمر اللوحات شأن تختص به شرطة المرور أنهالوا عليه ضرباً لدرجة فقدانه الوعي قبل أن يتم سحله وجره أرضا مسببين له الأذى الجسيم بعد أن كالوه ضربا بأعقاب مسدساتهم وركلا بـ”البوت” .
انتهاكات متكررة
حالة علي الدالي لم تكن الأولى من نوعها التي يعتدي فيها نظاميون على صحفي حتى بعد اشهاره بطاقته التي تثبت هويته فقبله تم اختطاف الصحفي محمد جادين عند منتصف الليل واقتياده لمنطقة غابة الخرطوم ونهبه هناك، وتركه بعد تجريده من كل ما يحمل من هواتف واموال، وكذلك الصحفي حافظ هرون الذي ذهب للشرطة شاكياً فتم الاعتداء عليه وتحول إلى متهم قدم للمحكمة بتهمة الإساءة للشرطة كما تعرض فريق كامل من إذاعة راديو المهن الأسبوع الماضي للاختطاف بواسطة مجموعة ترتدي الزى الرسمي اوقفتهم عند مدخل جسر النيل الأزرق واقتادتهم نحو ام درمان عبر شارع النيل وقاموا بنهبهم قبل أن يستبسل سائق العربة وينجح في توقيف احد المعتدين، وغيرها عدد من الحالات الأخرى التي وقع فيها اعتداء من نظاميين على صحفيين خلال أو أثناء أداء واجبهم.
ربما دفعت حالة الاعتداء على (الدالي) الصحفيون إلى التفكير في اهمية اتخاذ موقف حاسم تجاه قضايا الاعتداء عليهم فكان أن تجمهر الصحفيين بأعداد كبيرة بعد الاعتداء على زميلهم أمام المستشفى التي هرع إليها الأمين العام لمجلس الصحافة والمطبوعات حسام الدين حيدر مستنكراً الاعتداء وقال تصريحات صحفية إن الاعتداء على الصحفيين أمر مرفوض ولا يمكن السكوت عنه مطلقا خاصة أنه وقع من نظاميين يفترض أنهم حماة للقانون وملتزمون بقوانين مؤسساتهم التي ينتمون إليها مشيراً إلى حتمية اتخاذ مواقف حاسمة تجاه التفلتات التي تحدث للصحفيين.
أوضاع قاتمة
بحسب مراقبون محليون ودوليون فإن الوضع الراهن دون طموحات الشعب الذي لم يتوانَ عن تقديم دمائه رخيصةً في سبيل الحرية والكرامة، حيث رسم تقرير أصدره مركز “مالكوم كير كارينغي” التابع لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي بالشرق الأوسط ومقره بيروت، صور قاتمة للأوضاع السياسية في السودان، و أشار إلى خلافات في أوساط من يديرون دولاب الدولة من المدنيين والعسكريين إلى أطماع بعض القادة للظفر بالحكم و الإنفراد به في البلاد والسعي نحو تقويض الحريات السياسية و المدنية بدلاً عن دعمها، وأشار إلى ما حدث للصحفي على الدالي من بعض أفراد هيئة الاستخبارات العسكرية، ونوه التقرير إلى أنه يجب على حكومة الثورة حفظ الحقوق و وتعزيزها بدلاً من إهدارها على مذبح التنافس على السلطة رغماً أنف الشعب و احتياجاته التي ثار من أجلها، وأشار إلى أنها أصبحت لا مكان لها من الإعراب بعد أن أصبح هم بعض القيادات من سيحكم السودان بعد انقضاء الفترة الانتقالية.
شروط نجاح
رهنت صحيفة (فورن بولسى) الأمريكية في تقرير لها نجاح الفترة الانتقالية في السودان والوصول إلى أهدافها بالسماح للمحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة الرئيس المعزول عمر البشير، وأرجعت ذلك إلى أن عضوية السودان في المحكمة الجنائية الدولية ستساعد على الحد من الانتهاكات المحتملة من قبل عناصر داخل القوات العسكرية السودانية قالت إنهم لا يزالون يحتفظون بدرجة عالية من التأثير في تحديد مسار الانتقال السياسي في البلاد، لافتة إلى اتهام بعض أفراد الجيش بارتكاب فظائع في دارفور وأماكن أخرى، ونوه تقرير (فورن بولسي) إلى أن إنضمام السودان إلى المحكمة الجنائية الدولية سيُشجع جميع الأطراف في البلاد على الانضمام إلى المرحلة الاتقالية كونه يتضمن التزاماً بمنح المحكمة الجنائية الدولية الاختصاص القضائي على أي فظائع تُرتكب في البلاد، و تضع الرياح في أشرعة من يريدون رؤية الشخصيات القوية تقدم إلى العدالة مما يرسل اشارة مهمة للمواطنين السودانيين بأن السلطات السياسية ملتزمة بالتصدي للجرائم الدولية.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.