د. مزمل أبو القاسم: بأي ذنبٍ ضُربوا؟
* إذا كان التعامل مع القضايا الرياضية محصوراً على هراوات الشرطة وغازاتها المُسيلة للدموع، فلماذا خصصت الحكومة وزارةً اتحاديةً للرياضة، وأخريات لها في كل ولاية؟
* لماذا لم تُوكل أمر إدارة النشاط الرياضي إلى وزارة الداخلية، وترتاح من عناء الصرف على وزارة الرياضة الاتحادية و(18) وزارة للرياضة في الولايات؟
* ما حدث في نادي المريخ بالأمس أمرٌ مؤسفٌ وقبيح، يدل على أن بعض قيادات الشرطة لم تواكب المتغيرات الكبيرة التي حدثت في بلادنا بفعل ثورة ديسمبر المجيدة، وإلا ما سمحت لأفرادها بأن يطلقوا الغازات المسيلة للدموع، ويلهبوا ظهور مواطنين مسالمين بالهراوات، بلا ذنبٍ جنوه.
* لا غرابة في أن يقع ذلك الفعل المؤسف في عهد مدير شرطة ولاية الخرطوم، الذي لم يجد حرجاً في المطالبة بعودة (سيء الذكر).. قانون النظام العام، ليثير حديثه المستفز عاصفةً من الاستياء، بلغت حد المطالبة بإقالته من منصبه، ودفعت وزير الداخلية إلى توجيهه بضبط خطابه الإعلامي.
* بررت شرطة الولاية تعاملها القاسي مع أعضاء الجمعية العمومية للمريخ بأنها تسلمت خطاباً من رئيس الاتحاد السوداني لكرة القدم، يشير إلى عدم موافقة اتحاده على انعقاد الجمعية العمومية للنادي الأحمر.
* بناءً على ذلك الخطاب الأرعن، تم إرسال قوة كبيرة، أغلقت الإستاد في وجوه أعضاء النادي، ومنعتهم من دخوله لممارسة استحقاق ديمقراطي كفله لهم قانون الرياضة الاتحادي، والنظام الأساسي للاتحاد السوداني لكرة القدم، والنظام الأساسي لنادي المريخ نفسه.
* انصاع الأعضاء لأوامر الشرطة، وتركوا الإستاد، واتجهوا إلى ناديهم، ليتفاكروا في شؤونه، فلاحقتهم الشرطة داخل النادي، وأطلقت عليهم الغازات المسيلة للدموع، وضربت بعضهم بالهراوات، في مشهدٍ مؤسفٍ وقبيح، يدل على أن تلك القوة لم تستوعب حقيقة ما حدث في بلادنا خلال العامين الأخيرين.
* شكا بعض الأعضاء من أن أفراداً من الشرطة أطلقوا عبوات البمبان على أجسادهم مباشرةً، فتسببت في حرق ملابسهم، وأصابت بعضهم بجروحٍ موجعة.
* اعتمدت قيادة شرطة الولاية خطاباً أصدره إداري فاسد بدرجة دكتاتور، انتهك قراراً ملزماً أصدره مجلسه، وخالف القانون الذي يحكم اتحاده، الذي ينص على أن نادي المريخ عضو في الاتحاد السوداني لكرة القدم، وأنه مستقل بذاته، وينبغي عليه أن يدير شؤونه باستقلالية تامة.
* إداري متجبر، عاث في اتحاده فساداً، وتعدى على مملتكاته وأمواله، إلى درجة أنه سهل لزوجته الحصول على عشرين ألف دولار من الأموال التي خصصها الاتحاد الإفريقي لكرة القدم للاتحاد السوداني، مثلما مكنها من استغلال عربة مملوكة للاتحاد لأكثر من عشر سنوات.
* إداري فاشل، أتى إلى منصبه عبر انتخاباتٍ فاسدةٍ، شابتها رشاوى مليارية، واستخدمت فيها أمانة الشباب بالمؤتمر الوطني كل نفوذها، واستعانت فيها بجهاز الأمن، وحكومة المركز وحكومات الولايات، لتفرض بها عناصرها على قمة أكبر الاتحادات الرياضية في السودان.
* لا غرابة، فالرئيس الذي قدمته أمانة (الخراب) بالحزب المحلول كان عضواً في برلمان الإنقاذ بالتعيين، وتمتع بعضوية مجلس شورى المؤتمر الوطني دورتين متتاليتين، ونال عضوية لجنة الموفقين في مؤتمر الحوار الوطني الذي تبناه الرئيس المخلوع في قاعة الصداقة.
* رئيس الاتحاد ونوابه كانوا أعضاءً في المؤتمر الوطني المحلول، ومع ذلك استمروا في مناصبهم كأن شيئاً لم يكن، وها هي الشرطة تستجيب لخطاب كبيرهم الفاسد، لتعاقب أعضاء نادي المريخ، لمجرد أنهم سعوا إلى تعديل نظامهم الأساسي عبر جمعيةٍ عموميةٍ ديمقراطية، لم تشهد أي مظهر عنفٍ أو خروجاً عن الخلق القويم.
* نتوقع من وزير الداخلية، سعادة الفريق أول شرطة عز الدين الشيخ أن يبادر بتكوين لجنة تحقيقٍ في الأحداث المؤسفة التي وقعت في نادي المريخ لنضمن عدم تكرارها، ونسأل وزير الشباب والرياضة الجديد عن حدود مسؤولياته، وإلى متى سيقبل تجاوزه في ما يتصل بإدارة النشاط الرياضي في الدولة؟
* (الشرطة في خدمة الشعب)، شعارٌ جميلٌ، لم نر له أثراً في تعامل الشرطة مع أنصار المريخ أمس، مثلما لم نلمس له وجوداً في مطالبة الفريق شرطة عيسى آدم، مدير شرطة ولاية الخرطوم؛ بإعادة القانون الذي أذل حرائر السودان، وأثار عواصف من الاستياء على الشرطة في عهد المخلوع!
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.