د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا خير فيه ومثله أخوه
حاطب ليل
د. عبد اللطيف البوني
لا خير فيه ومثله أخوه
(1)
قد لا نجمع على كلام فرانسيس فوكوياما بأن تاريخ البشرية قد انتهى بسيادة النظام الليبرالي بشقيه الرأسمالي والتعددي الحزبي ولكننا لن نختلف بأن النظام الرأسمالي هو النظام السائد لا بل هو المتنمر على البشرية حاليا ولاشك أن النظام البنكي وان شئت قل المصرفي (ما فارقة كتير) بصفة مطلقة هو الاب الشرعي للنظام الرأسمالي فهو المسئول عن نشأته وهو الآن ابنه الشرعي البار به والحامي له، فالنظام البنكي هو الذي استل وبلور النظام الرأسمالي من صلب النظام الاقطاعي وبالتالي لا يعتبر نظاما اقتصاديا حديثا فحسب بل هو رائد من رواد الحداثة ولكننا الآن في العالم الإسلامي وبعد اكتشاف وتطبيق الصيغ الإسلامية للصيرفة اسمينا النظام البنكي العالمي بالتقليدي ودون شك أن ذلك خطأ كبير فهو لا يمت للتقليدية بأي صلة ولكنه اصبح خطأ شائعا والخطأ الشائع افضل من الصواب المهجور ويلا تقليدي تقليدي هو نحن ورانا حاجة؟
(2)
مناسبة الرمية اعلاه هو أن المؤتمر الاقتصادي العام الذي انعقد في بلادنا في الاسبوع الماضي قد اوصى بعودة عمل النظام البنكي التقليدي لتمضي جنبا الى جنب مع النظام المصرفي الإسلامي المطبق حاليا في السودان ومنذ مطلع تسعينات القرن الماضي بقرار من السلطة السياسية الغت بموجبه العمل بالنظام التقليدي وبالطبع قد اثارت هذه التوصية والتي هي الآن قيد التطبيق جدلا ولغطا كبيرين وهذا طبيعي لأن المسألة لم تعد اقنصادية بحتة بل هي سياسية بالدرجة الاولى دون التعمق في هذا الجدل دعونا نسأل هل كانت تجربة المصارف الإسلامية التي انفردت بالعمل المصرفي لقرابة العقدين من الزمان في السودان موفقة ؟ في تقديري انها كانت كارثية وقد كان لها القدح المعلى في تزهيد الناس في المصارف بدليل أن الكتلة النقدية تكاد تكون كلها خارج المصارف . لقد كانت تلك المصارف ومازالت معاول كبرى من معاول الفساد وقد تعرضت لهجوم على مستوى النظرية ومستوى التطبيق لدرجة تسميتها بالبنوك الاسلوربوية ومن علماء اجلاء رحم الله صديقنا العزيز الراحل المقيم دكتور عبد الماجد عبد القادر والذي عمل فيها عقدا من الزمان ثم تعامل معها كمودع ومستثمر فقد الف في خطل تلك المصارف كتاب (أبناء الأفاعي) بالاضافة لكم مهول من المقالات ولم يترك لها صفحة ترقد عليها.
(3)
لا يعني هجومنا على تجربة المصارف الإسلامية أو الأسلوربوية إشادتنا بالنظام البنكي التقليدي فهو الآخر عامل افقار وشريان للنظام الراسمالي المتوحش كما ذكرنا اعلاه ولكن في عالم اليوم لابد للبلاد من بنوك، فالأمر حتمي وليس فيه خيار وهذا معلوم بالضرورة عليه في تقديري أن التوصية بعودة النظام البنكي التقليدي لتعمل جنبا الى جنب مع النظام المصرفي الإسلامي كانت موفقة فالحشاش يملا شبكته ولعله يكون في ذلك حافز للفريقين لتطوير خدماتهما واحترام المتعاملين معهما و الضائعين في الحالتين فالحكاية اصلا خربانة وستظل خربانة الى أن يكتشف العالم نظاما صيرفياً أكثر عدلاً. نظاما لا يجمع اموال الفقراء ليعطيها الاغنياء ولا اظن أن هذا يحدث قريبا فهذا ليس عصر التغريب فحسب بل عصر الأمركة.
هناك مؤلفات كتبت في ربوية النظام المصرفي الإسلامي ومؤلفات في عدم ربوية مال البنوك التقليدية (الفاقد التعويضي) عند الصادق المهدي فهذا مبحث آخر فخليكم مع النافذتين اللتين يهب منهما السحت واكل اموال الناس بالباطل.
نقلاً عن (السوداني)
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.