إليكم
الطاهر ساتي
الحُميّات..!!
:: ليس بالشمالية وحدها، ولكن بكل السودان، كما لم نتسحب لمخاطر السيول والفيضان قبل الخريف، فإن السلطات لم تتسحب لمخاطر أمراض ما بعد الخريف، ومنها الحُميات والإسهالات التي تهلك الناس سنوياً.. واليوم، بمحلية مروي بالشمالية، حُميات لم تسمّها السلطات بعد رغم مضي أكثر من أسبوعين عليها.. قبل الثورة، نشهد لسادة النظام المخلوع بأنهم كانوا عباقرة في صياغة الأسماء المُزيفة، والمُراد بها طمس الأسماء الحقيقية للوبائيات..!!
:: كانوا يلقبون الكوليرا بالإسهالات المائية، والوادي المتصدع بالحمايات، وهكذا.. أما هؤلاء ( الكفاءات)، ناهيكم عن مكافحة أمراض ما بعد الخريف بوسائل الوقاية، بل عجزوا حتى عن معرفة نوع الأمراض، فاسموا وبائيات الشمالية بالحمايات، أي كما كان يفعل النظام المخلوع.. والصحة الولائية أعلنت الطوارئ على مستوى محلية مروي بعد إرتفاع الوفيات إلى (46)، لهم الرحمة والمغفرة.. أما الصحة المركزية، فلم تفعل شئ غير إرسال فريق لتقصي الحقائق..!!
:: وبالمناسبة، منذ 9 يوليو 2020، وحتى يومنا هذا، وزارة الصحة بلا وزير .. ثلاثة أشهر، ولاتزال عبقرية قوى الحرية والتغيير عاجزة عن سد هذا الفراغ بأهم الوزارات، ومنها وزارة الصحة المسؤولة عن وقاية الناس وعلاجهم من وبائيات ما بعد الخريف.. وكما الحكومة الاتحادية بلا وزير، فالولايات أيضاً بلا وزراء صحة ..وهكذا حال وزارة المالية، إذ هي أيضاً بلا وزير، في بلاد تسأل حكومتها الأصدقاء قوت اليوم ليعطوها أو يمنعوها.. وكذلك الحال وزارة الزراعة، بلا وزير أيضاً..!!
:: المهم، المسماة بالحميات ليست مفاجئة، بل متوقعة عقب كل خريف، بالشمالية وغيرها، ولكن السلطات لاتبالي .. وقاية الإنسان من الحميات والإسهالات ليست بحاجة إلى طائرات إيرباص أو تكنولوجيا الرادار بحيث نهاجم أمريكا على حصارها، وليست بحاجة إلى سُفن حربية ومفاعل نووية بحيث نبرر عجز المكافحة بضعف الميزانية وانفصال الجنوب.. كل المطلوب مبيدات وطلمبات رش وأيدٍ عاملة وإرادة مسؤول تحرًك سواعد المجتمع.. !!
:: تلك فقط هي وسائل مكافحة البعوض والذباب وكل الناقلات للأمراض.. ولكن عندما تغيب إرادة المسؤول بالشمالية – وغيرها – تغييب العوامل والوسائل الأخرى، وتحل الملاريا والإسهالات و الحميات وغيرها، وتتكدس المشافي بالمرضى وتتعطل عجلة الإنتاج و ترتفع نسب الصرف على العلاج.. من المستنقعات تنتشر أسراب البعوض والذُباب، والمحليات تتوسد اللامبالاة ولاتحرك ساكناً، كأن الأمر لا يعنيها أو ربما لحين تفشي مثل هذه الحميات..!!
:: وليس في مروي وحدها، بل في كل مدن السودان، إن كانت تصاريف المياه ومجاري الأمطار من مهام الولاية التي تعجز وتفشل في درء مخاطرها، فإن المحليات أيضاً لا تتحسب لمرحلة ما بعد الأمطار وما فيها من برك آسنة تضج بالبعوض والذُباب، ثم تفشل في درء مخاطرها.. فالميادين تكتسي بالطحالب، وشوارع الأحياء تتحول إلى برك آسنة.. وبالحدائق تعزف أوركسترا الضفادع ألحانها طوال ساعات الليل.. هذا ما يحدث في الخريف.. فلماذا لا يُصاب الشعب بالحميات والاسهالات؟؟
:: فالتخلص من البرك الآسنة ليس بحاجة إلى مال قارون أو عبقرية نيوتن.. بقليل جهد رسمي يرشد المواطن، ويخاطب الخمول المسمى باللجان الشعبية، كان يُمكن التخلص من البرك والمستنقعات في ساعة ضحى.. وبقليل تفكير، فإن طاقات الشباب قادرة على (الردم و الدفن)..ولكن أين الجهات – المسماة بالمسؤولة – التي تستغل هذه الطاقات المُجمًدة لصالح المجتمعات؟.. فالجهات المسؤولة – بما فيها الأحزاب – لا تستغل طاقات الشباب إلا لصالح مليونيات صراع حول السلطة..!!
نقلاً (الصيحة)
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.