باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
taawuniya 1135*120

عبد الحميد عوض: الجبهة الثورية (العميقة)

857

في الأخبار، أن الجولة الثانية من المفاوضات بين الحكومة والحركات المسلحة، قد تم تأجيلها حتى العاشر من الشهر المقبل بدلاً عن غد الخميس، وذلك لأسباب تتعلَّق بارتباط بعض الحركات المسلحة بورش عمل ذات صلة بالعملية السلمية، حسب ما أعلنت حكومة جنوب السودان الوسيط الرئيس في المفاوضات.
*لو أقيمت الجولة في موعدها الجديد، سيكون ذلك بعد مضي نحو 4 أشهر من بدء الفترة الانتقالية، أي ثلثي فترة السلام المحددة بستة أشهر بموجب الوثيقة الدستورية، وبالتالي سيكون أمام الأطراف التوصل للهدف شهرين فقط، وهو أمرٌ شبه مستحيل مع تعقُّد وتشابك ملفَّات التفاوض، وستكون الحاجة مُلحَّة لتمديد المُهلة المنتظر ربما لستة أشهر أخرى، حتى يتحقَّق السلام، والذي هو دون أدنى شك هو عنصرٌ مُهمٌّ وحيويٌّ لإنجاح الفترة الانتقالية وإنعاش آمال السودانيين في بناء وطن جديد تتحقَّق فيه شعارات الثورة في الحرية والسلام والعدالة.
*مع ذلك التأجيل والتمديد المُنتظر، تصرُّ الجبهة الثورية، على تأخير تعيين ولاة مدنيين مؤقتين لحين التوصل لاتفاق سلام، متناسين الأثر السيِّئ لهذه الخطوة على عملية التغيير، وعلى الثورة ككل، فالثابت أن المواطن في الولايات يشعر تماماً أن الدولة القديمة ما تزال قابضة ومُتمكِّنة، وموجودة بفسادها وفشلها القديم في إدارة الأزمات المعيشية والأمنية، ودونكم ما جرى في مدينة بورتسودان خلال اليومين، حيث ظهرت بصمات المؤتمر الوطني بشكل واضح وفاضح، وما كان يضير الجبهة الثورية شيئاً، لو أنها وافقت على تعيين مُؤقَّت للولاة حتى يبدأوا مسيرة “المسح والكسح”.
*ويبدو أن الجبهة الثورية تعيش حالة من عدم التناغم بين قيادتها، فوفقاً لبيان من ياسر سعيد عرمان نائب الأمين العام، فإنهم وافقوا على تعيين ولاة مؤقتين، لكن فأجانا أسامة سعيد المتحدث الرسمي باسم الجبهة، ببيان آخر ينفي فيها ما أورده عرمان، وكل ذلك يجعلني أُصرُّ على رأي قلت به من قبل، وهو وجود توجُّهاتٍ داخل الجبهة الثورية تتصرَّف بطريقة مماثلة تماماً لتصرفات الدولة العميقة، بدءاً من الهجوم بمناسبة ودون مناسبة على الحرية والتغيير، مروراً بانسحابهم من التفاوض حول ترتيبات الفترة الانتقالية، وصولاً لفتح مسارات تفاوضية منفردة مع المجلس العسكري، وانتهاءً بالإصرار على تأخير تعيين الولاة المدنيين والرغبة في استمرارالعسكريين.
ما يدعو للحيرة أن الجبهة تنطلق في مواقفها تلك من مبدأ أن الثورة فعل تراكمي، لم يبدأ في ديسمبر الماضي، وهي معادلة يسهل مقابلتها بالقول، إن قوة نظام المؤتمر الوطني التي أبقته 30 عاماً، هي أيضاً فعل تراكمي، وأن حركات مسلحة ساعدته وشاركته السلطة وحقنته بعمر إضافي. وإذا رغبت بعض مكونات الجبهة الحصول على مكاسب ما بعد الثورة، فعليها أن تدفع ثمن مشاركتها النظام في يوم من الأيام.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

error: