باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
taawuniya 1135*120

د. عمر كابو: نهاية المؤتمر الوطني

1٬542

ليس هناك أدنى شك في أن كتاب المؤتمر الوطني ينطق بأنه حزب كسائر الأحزاب الأخرى يتقلب بين مراحل القوة والضعف و هو في سبيل الحفاظ على إستمراريته وقوته والمحافظة على رصيده كحزب رفض أن يظل حبيساً لأشكال وقوالب و هيكلة و أنماط تنظيمية محددة بل كان كل فترة يجدد نفسه ويستبدل جلده إتساقا مع كل مرحلة و تماهيا مع مطلوباتها دون القفز في المراحل وتجاوزها بحكم أنه حزب واقعي يتكيف مع الواقع و ينظر للأمور بمنظار الوقت وما تفرضه عليه الساحة السياسية و الإجتماعية والعالمية والإقليمية من ظروف ومقتضيات و تشابكات و تقاطعات وتعقيدات.
كتابه هذا حكى تاريخا صادقا و نفيسا كيف إستطاع أن يتجاوز أسر التنظيم الصفوي لجماعة من الطلاب إستلهموا فكرة راشدة لزعيم الإخوان المسلمين الشهيد حسن البنا ونقلوها للخرطوم إنتصارا لقيم آمنوا بها وعاشوا بها و لها، و من ثم ما لبث أن تجاوز التنظيم تلك المرحلة ليفتح الطريق للكافة أن يدخلوا في ذات الحزب أفواجا فكانت جبهة الميثاق والتي هي أيضا طورت نفسها مستلهمة عبرة المسير و معتبرة بتراث أهل السودان الصوفي و وجدانهم المشرئب دوما للإسلام وسماحته و وسطيته و إعتداله لتتحول تلك الجبهة المتواثقة لكيان قومي يضم كل طوائف السودان بتدينهم المعتدل ومزاجهم غير المتشدد ضد التيارات والديانات الأخرى في بلد كان في ذلك الوقت فيه جنوبه يدين بالمسيحية لتأتي إستجابة هذا الكيان متكيفة مع هذا الواقع ليوحد أهل السودان جميعهم في حزب واحد يعبدون ربا واحدا و يعيشون تحت سماء وطن واحد و يكونون شعبا واحدا سعيا لتكوين الدولة التي ترفض العلمانية وتعتقد بأن العبادة هي غاية من أجلها خلق الله الناس. و أمام ذلك المد والتأييد الكاسح تحول هذا الحزب لمرحلة الحزب الكبير الذي جمع معظم قيادات السودان وسعى لتكوين إئتلاف مع تلك الأحزاب ليستجيب لدعوته قيادات مؤثرة ساهمت في بنائه وعطائه وآمنت بمبادئه و رواه فكان محصلة ذلك كله حزب المؤتمر الوطني بكل جبروته وشموخه وأيضا بما إعتراه هنا وهناك من تحديات و مشاكل وتضعضع.
الآن هذا الحزب يعيش في مرحلة جديدة يعيشها السودان و تمور بها الساحة السياسية وكذا الحال فإن الساحة الإقليمية تشهد تجاذبات وصلت لمرحلة القطيعة بين دولها لتدخل من بعدها المنطقة كلها في محاور كل محور يحاول أن يفرض أجندته و هيمنته على المنطقة العربية و بالطبع لن يكون السودان بأي حال من الأحوال بمعزل عن تأثيرات ذلك، ولما كان الأمر كذلك وجب على الحزب أن يجدد نفسه وأن يخرج للناس بطريقة جديدة تستلهم تاريخه العظيم وتعتنق أفكاره ومبادئه و تأخذ بأسباب العصر وتتصالح مع الأسرة الدولية وتتفاعل مع الواقع الجديد للمنطقة العربية و دول الإقليم و لن يتم ذلك إلا بطرح جديد يتجاوز المسمى و الوسائل التقليدية.
لكن أهم من ذلك لابد من خطاب تصالحي يعيد الثقه فيه ككيان متصالح مع المواطنين ظل يمثل ضمير الأمة يشاركهم آمالهم أحلامهم وآلامهم و أفراحهم، بصراحة يحتاج الحزب لأن يجدد نفسه في كل شئ.
من حسن الطالع أن الحزب كان كلما مر بأزمة خرج أقوى منها معددا مكاسبها ومتجاوزا إحباطاتها و من حسن الحظ أن على رئاسة الحزب الآن مولانا أحمد هارون والذي ينتمي لجيل الشباب روحا وفكرة وتقاربا و هو من أكثر الناس إلتصاقا بالجماهير و مقدرة على النزول إليها لكن أهم من ذلك إيمانه العميق بضرورة وحتمية التغيير. فهل يعلن نهاية أجل المؤتمر الوطني و إعلان حزب السودان الكبير إعتدال تدين ومعايشة لهموم الناس ؟

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

error: