باج نيوز
موقع إخباري - أخبار اراء تحليلات تحقيقات بكل شفافية
1135*120   Last

شول لام دينق يكتب: كيف تستخدم السعودية شبكة حلفائها لإعادة رسم موازين القوة من الخليج إلى شمال أفريقيا؟

1
لم يعد الصراع السعودي الإماراتي مجرد تباين في الرؤى داخل التحالف الخليجي، بل تحوّل خلال السنوات الأخيرة إلى مواجهة نفوذ غير معلنة تمتد من الخليج العربي إلى القرن الأفريقي وشمال أفريقيا، حيث تتقاطع المصالح الأمنية، وصفقات السلاح، وإدارة الفاعلين المحليين كأدوات في لعبة النفوذ الإقليمي.
في هذا السياق، تبرز التحركات السعودية الأخيرة بوصفها محاولة منهجية لتحجيم الدور الإماراتي في مناطق حساسة، ليس عبر المواجهة المباشرة، وإنما باستخدام شبكة من الحلفاء الإقليميين والدوليين، في مقدمتهم قطر وباكستان، وبدعم غير مباشر من واشنطن.
باكستان كلاعب أمني بالوكالة
إحدى أكثر الخطوات دلالة في هذا المسار تمثلت في الدفع الباكستاني إلى المشهد الليبي، عبر إرسال قائد الجيش الباكستاني، عاصم منير، في زيارة ذات طابع أمني لمعسكر الرجمة.
هذه الخطوة لا يمكن قراءتها بمعزل عن صفقات تسليح وتعاون عسكري أوسع، إذ تمثل باكستان شريكاً دفاعياً موثوقاً للسعودية، وتملك خبرة طويلة في إدارة التوازنات داخل مناطق النزاع دون الظهور كطرف مباشر.
وجود قائد الجيش الباكستاني في الرجمة يحمل رسائل متعددة:
احتواء المعسكر ومنع انزلاقه الكامل تحت السيطرة الإماراتية.
إعادة ضبط القرار العسكري بعيداً عن التمويل والتوجيه الأحادي من أبوظبي.
فتح قنوات بديلة للتسليح والدعم لا تمر عبر الشبكات الإماراتية.
ما يحدث في الرجمة يعكس نموذجاً سبق أن استخدمته الولايات المتحدة نفسها، حين كثّفت زيارات قيادات أفريكوم ومدير وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) للمعسكر، بهدف تحجيم النفوذ الروسي وقطع الصلة مع “الفيلق الروسي الأفريقي”.
اليوم، يتكرر السيناريو ولكن هذه المرة في مواجهة النفوذ الإماراتي، مع فارق مهم:
التحركات تتم عبر قوى إقليمية حليفة بدل التدخل الأمريكي المباشر، ما يمنح العملية مرونة سياسية ويخفف كلفة الصدام العلني.
غير أن هذا المسار لا يخلو من المخاطر.
ففي حال خروج معسكر الرجمة عن “التوجيهات الإماراتية”، تمتلك أبوظبي أداة ردع بالغة الخطورة:
ملفات موثقة عن الأدوار التي لعبها المعسكر، وشبكة العلاقات والصفقات التي تمّت في مراحل سابقة.
هنا يتحول “حليف الأمس” إلى عبء سياسي قابل للفضح، في معادلة تتكرر كثيراً في حروب الوكالة:
من أداة نفوذ إلى ورقة ضغط، ومن شريك إلى خصم.
ما يجري ليس تحركات منفصلة، بل إعادة تموضع إقليمي تقوده السعودية بهدف:
تقليص تمدد أبوظبي خارج الخليج
كسر احتكارها لملفات أمنية حساسة
وإعادة توزيع مراكز التأثير عبر حلفاء جدد
إنها حرب نفوذ باردة، تُدار بالزيارات العسكرية وصفقات السلاح والتحالفات غير المعلنة، لا بالبيانات الرسمية.
وفي هذه الحرب، لا يوجد أصدقاء دائمون… بل مصالح متحركة وحدود نفوذ يعاد رسمها باستمرار.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

error: